قراءة في مذكرات اللواء الركن/ علي محمد صلاح

طه العامري

سمعت اسم اللواء علي صلاح لأول مرة عام 1976 م وكنت يومها لا أزال طالبا في المرحلة الابتدائية ودارت الأيام وزادت علاقتي بهذا الرجل دون أن ألتقيه يوما بل عرفته من خلال متابعة نشاطه العسكري والوطني بصورة عامة كصحفي مهمته متابعة كل مسؤولي الدولة ومتابعة أخبارهم والتعاطي معها ..ولم تسعفن سنوات المهنة بلقاء الرجل بصورة مباشرة إلا من خلال اللقاءات العامة مثل المهرجانات والاحتفالات والمناسبات ولم تتوفر الفرصة خلال هذه اللقاءات أن ألتقي بالرجل أو التعرف عليه عن كثب .لكن هناك شخصاً عزيزاً عليّ حدثني عنه كثيرا وكان قد وعدني بزيارته معا ولكن شاءت الظروف أن لايحدث هذا وقد رحل العميد دائل محمد سعيد العريقي الذي عرفت من خلاله اللواء علي صلاح كما عرفت اللواء من خلال نشاطه الوطني ودوره في تثبيت السكينة والاستقرار ما يقرب عن أربعة عقود كان اللواء رجل المهمات الصعبة ورجل السلام والاستقرار الاجتماعي وكل مشكلة كانت تحدث تهدد أمن واستقرار النسيج الاجتماعي كان اللواء علي صلاح هو الرجل المؤهل والشخصية الوطنية التي تحتوي هذا الحدث أو ذاك فهو رجل دولة ومحل ثقة واحترام وتقدير القبائل على امتداد الخارطة الوطنية ..
اللواء محمد ضيف الله رحمه الله حدثني كثيراً عن اللواء علي محمد صلاح ومواقفه الوطنية ..الأحداث الوطنية بدورها عرفتنا باللواء أو الرجل الاستثنائي الذي تخصص بإخماد الفتن والأحداث الملتهبة وساهم بفعالية ووعي وطنيين بخدمة وطنه وشعبه وقدم ما لم يقدمه الكثير من غيره ..
قبل أيام التقيت الزميل العزيز عبد القوي الأميري الذي أهداني _ ولن أقول أعارني الجزء الثاني من مذكرات اللواء علي محمد صلاح _ حفظه الله وأطال لنا بعمره _ ومن خلال تصفح عابر للكتاب وجدت نفسي أمام رجل استثنائي..استثنائي بوطنيته ومصداقيته ومهنيته وحصافته وسعة تفكيره ..رجل صادق في وطنيته وعشقه لسبتمبر الثورة والميلاد ..رجل نستشف من حروف مذكراته أنه حالة استثنائية عن كل الذين سردوا مذكراتهم وادعوا البطولات لأنفسهم زورا وأعطوا أنفسهم مكانة حلموا بها ولم يحققوها في الواقع ولكنهم سعوا لتحقيقها في مذاكراتهم الزائفة ..وأعترف أن هذا الرجل وبرغم احترامي له ولدوره الوطني وسيرته العطرة التي تكونت في ذاكرتي إلا أن مذكراته زادت من مكانته في قلبي وتفكيري ووجداني..رجل لم أعهد قبله مثله صادقاً ومنصفاً إلا فيما ندر ..رجل جاءت مذكراته لتكرس حقيقة مكانة هذا الرجل والقائد العسكري وتتماهى مع سيرته العطرة ..
ناهيكم عن أنني لم أجد مجرد مذكرات أو سيرة نضال بل وجدت نفسي أمام موسوعة سياسية وثقافية وفكرية وتاريخية ..فالكتاب بجزئه الثاني يمكن وصفه بأنه موسوعة أيضا شمل الشأن السياسي والفكري والاجتماعي والتنموي والسياحي والتراثي لحقبة زمنية فاستحق أن يكون موسوعة يتماهى مع كتب ( أدب الرحلات ) فهو لم يغفل الأوضاع القائمة قبل الثورة وسردها بلغة أدبية راقية ولم يغفل العادات والتقاليد الاجتماعية حتى إنه شرح حكايات ( المراجيح ) وقصص الأعراس . دون أن يغفل الظروف الاجتماعية التي مر بها وكانت جزءاً من سيرة حياة عاشها .بذات القدر الذي لم يغفل فيها التضاريس والجغرافية ..باختصار لم أجد نفسي أمام مذكرات شاملة تحكي نضال شعب وحكاية وطن إلا في مذكرات اللواء علي محمد صلاح الذي احترمت سيرته لكن جزءا من مذكراته جعلني أتفاءل بمستقبل أفضل من وحي حروف ومفردات سردها الرجل كنت أوشك على الاعتقاد بأن أمثاله لا وجود لهم ..
لذا أجد نفسي ملزما أدبيا ووطنيا بأن أقرأ كل ما سطره هذا الهامة الوطنية الذي أحني له هامتي إجلالا وتقديرا وأتعهد بقراءة تحليلية لمذكراته التي تستحق فعلا الاهتمام وتستحق أن تصل لكل مواطن يمني والأهم أن تصل لجيل اليوم من الشباب الذين يجب أن يطلعوا على هذه المذكرات وهي عبارة عن سيرة وثائقية لحقبة وطنية غاية في الأهمية..
تحية وتقدير وإجلال للمناضل الوطني اللواء علي محمد صلاح الذي أنار بمذكراته الطريق لأجيال قادمة .

قد يعجبك ايضا