((طب الأعشاب)).. عشوائية واستغلال للجهل والفقر ..!

 

¶د.معمر: ثقافة المجتمع والحالة المادية تساعدان في انتشار الاعتقاد بطب الأعشاب

أطباء:
أكثر العاملين في ((طب الأعشاب)) ليسوا متخصصين ونحذر من التعامل معهم

انعدام الرقابة وتفاقم الحاجة يتيحان المجال للدخلاء ولأدعياء الطب!

مواطنون:
ذهبنا لمراكز ((طب الأعشاب)) وتعرضنا للاستغلال

وائل الشيباني

الأدوية العشبية إن لم تعالج لا تضر.. بهذه المقولة استطاع الكثير ممن يسمون أنفسهم أطباء أعشاب استقطاب المواطنين وخاصة البسطاء منهم إلي العلاج عندهم والحقيقة أن الأعشاب الطبيعية فيها دواء وشفاء منها أيضا داء في حال إساءة استخدامها, وهذا ما يحدث غالباً في ظل انتشار دخلاء وأدعياء يستغلون انعدام الرقابة وتنامي الحاجة وشيوع الجهل والفقر لممارسة الدجل والنصب… تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع تجدونها في السياق التالي:

أم سعيد إحدى ضحايا اللجوء لما يسمى مراكز طب الأعشاب, فقد كانت تعاني من ضيق وقلق نفسي وآلام في المعدة وصف لها أحد العاملين في طب الأعشاب عسلاً وحبة سوداء وزيت الزيتون وبعض الأعشاب مما زاد من آلامها وأسعفت إلى مستشفى الثورة وأعطيت مغذية فيها الكثير من العلاجات لتلافي خطأ من يسمي نفسه ((خبير في علاج أصعب الحالات المستعصية)) ومنعت بعدها من الطعام لمدة ثلاثة أيام متتالية ووصف لها العلاج المناسب الذي يقضي على آثار الأعشاب حسب الطبيب المختص.
(تحذيرات)
حذر الأطباء من أخطار عدة للتداوي غير المتخصص بالأعشاب, وينصحون المرضى بتجنب تناول وصفات العشابين, كون أكثرهم غير متخصصين ويجهلون حقيقة المكونات الكيميائية للنباتات وتفاعلاتها ومضاعفات تعاطيها على جسم الإنسان وصحته.
من هؤلا الطبيب عبدالله الذبحاني – طب عام, ينصح مرضاه دائما بعدم الاستجابة للأشخاص الذين يدعون بأنهم أطباء أعشاب لأنهم- حسبما يقول – لا يعالجون بقدر ما يسببون الإزعاج والمرض للشخص المصاب وقد يصعبون على الطبيب سرعة علاج المريض كونهم يصفون أعشاباً لا علاقة لها بالأعراض المرضية التي تطرأ على المريض.
تتفق معه الطبيبة ثريا محمد مقبل (أخصائي جلد) وتضيف: إن الأعشاب هي نوع من أنواع الطب الذي درسته ويحتاج إلى نوع من التدقيق والمعرفة التامة بفائدة كل عشبة لكن ما نراه اليوم في العيادات العشبية هو عبارة عن نصب واحتيال على المواطنين خاصة الذين يأتون من الأرياف ولا يؤمنون بالطب الحديث والعلاجات والأدوية الصيدلانية.
مرجعيات هشة!
دراسة لمنظمة الصحة العالمية ظهرت مؤخراً تقول أن اثنين من كل ثلاثة معالجين تقليديين ممن تمت مقابلتهم قد ورثوا المهنة من آبائهم ويحاولون تورثيها لأبنائهم, أما الثالث فقد اكتسبها عن طريق الكتب التقليدية والاطلاع.
وأفاد الدكتور عبدالله معمر – أستاذ علم الاجتماع جامعة صنعاء, بأن هناك طرقاً تقليدية تستخدم في المعالجة, ويرتبها حسب الأهمية قائلاً: أولا الجانب الديني كتوزيع الصدقات وإقامة الموالد في بعض الأضرحة ومحاولة الإثبات بمفاهيم دينية لتكريس فكرة الشفاء, إلا أن الغالبية يستخدمون الدين في العلاج بشكل مغلوط ومجافٍ للحقيقة مستغلين بذلك إمكانات المتعالجين وفهمهم الديني المحدود ويشكل هذا منفذا سهلا للدخول من خلاله والسيطرة على المريض وإيهامه بجدوى العلاج.
ثانيا العلاج بالأعشاب الذي يكون بالوراثة من الآباء أو الخبرة الشخصية من خلال الاطلاع على كتب التراث عن الطب العربي المعروفة لدى المعالجين والتي لا تتجاوز العشرة ويتم استخدامها لجميع الأمراض مضافا إليها أسلوب الإيهام بإعادة مصدر المرض إلى القوى الغيبية والثالث هو الجانب السحري في العلاج فالسحر ذو حدين فمن ناحية يمكن استخدام إصابة الإنسان بالمرض والشرور ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون علاجا وقائيا فيستخدم على أساس رفع المرض عن المصاب وحمايته من المرض الذي قد يصاب به في يوم من الأيام .
التخصص مهم
ويستطرد الدكتور عبدالله معمر قائلا: هذه الطرق الثلاث متداخلة مع بعضها لتكون شكل العلاج القائم والذي يكون نسقا علاجيا واحدا, وتعد مسألة التخصص في العلاج صعبة إلى حد ما.
ويضيف الدكتور أن كثيراً من الناس يفضلون العلاج العشبي لاعتقادهم به وأنه يشفي أية أمراض مهما كان نوعها، وهذه الأمراض تجعل مثل هؤلاء المرضى لا يفضلون العلاج إلا لدى المعالج التقليدي, ويرى أن التفسير الخاطئ لنوعية المرض يساعد على انتشار الأمراض المعدية كما يؤثر في استمرار المرض ويعمل على حجب الأسباب الحقيقية المؤدية للمرض.
الدكتور معمر يؤكد أن المواد العلاجية والوصفات توثر في سلوك أفراد الجماعات التي تسود فيها هذه المعتقدات عند تلمس الشفاء وكذلك اختيار المعالج الذي غالبا ما يقدم من المواد العلاجية والوصفات ما يتواءم مع تلك الرؤية الثقافية لمفهوم المرض والعلاج وفي حالة عدم الشفاء من هذه الأمراض بالعلاج التقليدي يتجه المريض بعد ذلك إلى الطب الحديث.
مؤثرات مجتمعة
الأشخاص الذين اتجهوا إلى العلاج التقليدي يؤكدون على الدور الذي يلعبه الأصدقاء والأقارب والمحيطون بهم في مجالس القات في توجيههم إلى العلاج التقليدي بل وتحديد نوعية المعالج كما أن الأسرة تلعب دورا في هذا الجانب, كما يقول الدكتور عبدالله معمر، فهي تعمل على توجيه الفرد نحو أسلوب علاجي خارج المنزل يتفق مع المستوى الاقتصادي والثقافي والسكني للأسرة سواء في الريف أو الحضر كما تعمد الأسرة إلى استخدام طريقة منزلية في العلاج تتفق مع المستوى والإمكانيات المادية للأسرة فكلما كانت الأسرة أكثر فقرا تأخر أفرادها في الاتجاه إلى العلاج الطبي الحديث ويكون الاتجاه غالبا إلى العلاج الأرخص.
التداوي المشروع
يؤكد الدكتور صالح صواب- أستاذ الدراسات الإسلامية, أن الله أمر بالتداوي ورسوله وهذا التداوي لا ينقص إيمان المرء وإنما قد يأثم الإنسان به, الأول قد يكون بأدوية محسوسة كالطب الحديث وهو معلوم بحيث يعلم الطبيب سبب المرض ثم يعطي المريض الدواء لدفع ذلك السبب وكذلك تستخدم للعلاج, وهذا الأمر مشروع ولا خلاف فيه ما لم يكن العلاج محسوساً.
ويضيف الدكتور صواب قائلاً: أما النوع الثاني من الأشياء المحسوسة ما يسمى اليوم بالطب البديل وهو ممدوح وفيه يكون المعالج خبيرا بهذه الأعشاب وأنواعها وفوائدها وأثرها وربما كانت سببا للشفاء من الأمراض, وهذا النوع من العلاج جائز ومنه ما هو مذموم حيث يظهر بعض المدعين بالطب العربي ومنهم الذين يعطون الناس الأعشاب المتنوعة التي ربما كانت لها آثار سلبية فربما أزهقوا بذلك أرواحاً وأدخلوا إلى الناس أمراضا مزمنة فالبعض يستخدم الأعشاب مضيفا إليها نوعا من العسل والحبة السوداء ولا يعلم بالحالة المرضية وهذا الأمر مهلك وغير جائز.

قد يعجبك ايضا