إصدار شيكات بدون أرصدة جريمة ضاعفها العدوان والحصار

الشيك أداة وفاء والقانون يحميه من التلاعب

تحقيق/ محمد العزيزي
تزايدت في الآونة الأخيرة قضايا الشيك بدون رصيد وطلبات الحجز على أملاك وأموال بعض الشركات والأشخاص من قبل بنوك أو تجار أو شركات تجارية وذلك نتيجة عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه الدائنون، وبسبب الظروف التي تمر بها بلادنا من عدوان وحصار وعجز تلك الشركات والتجار والأشخاص عن تسديد أقساط مديونيتهم.
وتطبيقاً للمثل الشعبي القائل” من داهمه الفقر ذكر دين جده”.. فقد سارت الكثير من الشركات والدائنين نحو تطبيق هذه القاعدة ولم يقدم هؤلاء الدائنون فسحة “للمدين” أو منح أصحاب الديون فترة إضافية أو مدة أخرى لتسديد ديونهم.
هذا التحقيق يرصد هذه القضية ويتتبع تفاصيلها، وكيف أصبحت تؤرق أجهزة القضاء وأيضاً الشاكي والمشكو به.. نتابع التفاصيل:
مئات القضايا تملأ أدراج المحاكم والعدوان ضاعف من مخاوف الدائنين
أداة وفاء
الشيك أداة وفاء مستحقة لمن حرر او جير مبلغه لأمره وفي تاريخ تحريره.. فالشيك أصبح منذ زمن ورقة مالية بين المتعاملين في الأسواق التجارية أو في المناقصات والضمانات البنكية في تنفيذ مشاريع أو اتفاقيات.. والقانون حدد التعامل بهذه الورقة المالية على اعتبار أنها ورقة رسمية تعني الوفاء بالمبلغ المدون عليها.. إلا أن البعض يسيء استخدام ورقة الشيك في عملية التعامل التجاري والمالي.
زعزعة الثقة
قضايا الشيكات بدون أرصدة تتزاحم في طواريد المحاكم في المدن الرئيسية للمحافظات وهذا ما أكده لي أحد القضاة بقوله: في الواقع قضايا تحرير شيكات بدون رصيد من الظواهر السيئة والتي أصبحت كثيرة في محاكم أمانة العاصمة أي أن جرائم الشيكات تكثر وتملأ المحاكم في التجمعات الحضرية وهي تعتبر من الجرائم الحديثة على المجتمع لسوء استخدامها من قبل بعض الأشخاص في تعاملاتهم التجارية.
ويؤكد القاضي صادق الحضرمي عضو محكمة الأموال العامة بالأمانة أن انتشار ظاهرة تحرير الشيكات بدون أرصدة يؤدي إلى زعزعة الثقة في التعاملات بين الناس ويؤدي أيضاً إلى تحجيم تلك المعاملات التي يحتاجها الكثير من الناس في حياتهم اليومية وبالتالي يؤدي إلى الإضرار بمصالحهم والمجتمع بشكل عام.. وقال: القوانين والتشريعات ومنها القانون التجاري والجنائي جاءت لتحفظ للناس مصالحهم بجميع مراتبها الضرورية والتحسينية.
الحجز لعدم الوفاء
كانت هذه القضايا “الشيكات بدون أرصدة” وطلبات الحجز لعدم الوفاء قليلة كما يؤكد العاملون في النيابة والمحاكم.. إلا أنها تزايدت خلال العامين المنصرمين وبشكل ملحوظ.. وهنا يقول الأخ أمين صالح شمسان ظللت طوال شهرين وأنا أبحث عن ضمانة تجارية للعمل في وظيفة في إحدى الشركات الخاصة فكل من حاولت معهم من أصحاب السجلات التجارية للحصول على ضمانة يرفضون ويرددون قولهم المشهود “أنهم لا يرغبون إقحام أنفسهم في متاعب ومشاغل المحاكم والنيابات” وذلك للإيفاء للتجار والشركات وما يترتب على ضماناتهم التي يمنحونها لطالبي الضمانات.
3 قضايا شيكات
ويرى تجار ووكيل شركة تجارية كبيرة ألتقيناه مع محاميه أمام محكمة الأموال العامة بالأمانة طلب عدم ذكر اسمه أن لديه ثلاث قضايا شيكات بدون رصيد رفعها أمام المحاكم بسبب أن المدينين لم يلتزموا بدفع ما عليهم من أموال مقابل بضائع تجارية بعد تحرير شيكات لصالح الشركة وهذه الشيكات ليست لها تغطية مالية أي بدون رصيد.. ويقول: اعطيناهم ويقصد من عليهم الديون- فرصة أولى وثانية ولكن دون فائدة فلجأنا إلى المحاكم لاستعادة أموالنا.
يرجع التجار ما وصل إليه الحال إلى العدوان والحصار وانعدام السيولة وضعف القوة الشرائية لدى اليمنيين وضعف الثقة المتبادلة بين الطرفين وهي بالتالي السبب وراء عدم الإيفاء بالمديونيات أو الديون لأصحابها.
زيادة حجم التعاملات
بدوره يقول القاضي محمد الصوفي عضو نيابة الأموال بالأمانة أنه نظر في عدد كبير من قضايا الشيكات خلال الأعوام الماضية… ويرى أن سبب انتشار قضايا الشيكات بدون رصيد يعود إلى زيادة حجم التعاملات في المجتمع لأنه من الوسائل النقدية التي سهلت التعامل عند من يستعملها لغير الوظيفة المتعامل بها فيستعملها المتعامل كأداة ائتمان بينما وظيفتها الحقيقية أنها أداة وفاء ويؤكد القاضي الصوفي في هذا الجانب أن القضاء يتعامل مع ورقة الشيك بشكل عام وفي الأصل أنها من الأوراق التجارية ولذلك ينظم أحكامه من الناحيتين المدنية والتجارية.
أما من حيث الحماية الجنائية فيقول فإن إصدر شيك بدون رصيد محل تجريم في القانون الجنائي للمتعامل مع الشيك، حيث يعطي القانون الحماية الجنائية على الشيك وهي حماية ثقة الناس في هذا المحرر.
انعدام السيولة
يقول المتخصصون في القانون أنه لا يوجد أي قصور في القانون وبالذات في الجانب الجزائي، ولكن يجب حذف أي شخص أو عميل لديه تعامل مع البنك في حال إصداره شيكا بدون رصيد أو حدث تكرار في إصدار شيك بدون رصيد تماماً من قائمة البنوك ويسجل في القائمة السوداء لعدم تمكينه من سحب دفاتر شيكات مستقبلاً وسحب التي لديه من سابق وهذا الإجراء في اعتقاد المتخصصين سار في كثير من الدول الأخرى.
واعتبروا أن تزايد حالات إصدار الشيكات بدون رصيد يعود إلى حالة البلاد التي تعاني من الحرب والحصار وانعدام السيولة وتوقف الحركة التجارية واعتمد الكثير من رجال الأعمال وأصحاب الأعمال على الشيك وعدم حمل النقود أو الدفع النقدي الفوري ولذلك حل الشيك محل التعامل التجاري شيك دفع أو ائتمان.
انتشار الظاهرة
ويؤكد قانونيون أن الوضع الحالي في البلاد ساهم في انتشار هذه الظاهرة ونتيجة لذلك أفلس البعض وكانت عليه كمبيالات “شيكات بدون رصيد” لصالح مستحقيها بالإضافة إلى خوف الكثير من التجار من ضياع أموالهم التي لدى الغير فيذهبون إلى المحاكم للمطالبة بها أو تثبتيها والحصول على أحكام أما بالسداد أو الحجز على أموال وعقارات أو أملاك أخرى بهدف سداد المديونية.
60 قضية
العام الماضي 2017م نظرت محكمة الأموال العامة الابتدائية بالأمانة أكثر من ستين قضية وأضعاف هذا الرقم في المحكمة التجارية بالأمانة .. أما القضايا المنظورة أمام نيابة الأموال العامة بالأمانة والتي ما تزال تنظر فيها فتصل إلى نحو 35 قضية شيك بدون رصيد خلال2017م بحسب إفادة وكيل نيابة الأموال بالأمانة عبدالله المهدي وفقاً للإحصائية في سجلات النيابة وأن النيابة بصدد إحالتها إلى المحكمة خلال الأسابيع القادمة.
أخيراً
الشيك أداة وفاء ملزمة بالسداد يحسب الالتزام به ومن خلال ما سبق من آراء يجب إعادة النظر في العقوبات ضد المتعاملين بهذه الورقة الرسمية حتى تحفظ الثقة لهذه الورقة وحمايتها من العبث أولاً… وثانياً يجب مراعاة بعض أصحاب هذه القضايا خاصة أولئك الذين تعرضوا إلى خسائر نتيجة العدوان والحرب والحصار وكذا الذين تعرضت تجارتهم أو أموالهم للقصف والضياع.

قد يعجبك ايضا