قراءة تحليلية لتقرير خبراء الأمم المتحدة الأخير عن اليمن

 

صلاح القرشي

في البداية يجب أن نفهم جميعا أن أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وإسرائيل ينظرون لليمن من ناحيتين الناحية الأولى كموقع جغرافي هام يمتلك ويشرف على أهم المضايق البحرية في العالم والجزر البحرية ، والناحية الثانية ان اليمن يمتلك موارد وثروة نفطية وغازية ومعدنية ضخمة ، وبالتالي يجب السيطرة على هذه المميزات ومنع اليمن من الاستقلال والاصطفاف مع أي محور معادى لهم وهو يملك هذه المميزات التي تؤهله لان يكون دولة قوية موحدة تلعب دوراً قوياً ومؤثراً في المنطقة .
وهذا ما حدث فعلا خلال سنوات الحرب الثلاث الماضية التي شنت على اليمن ، جميعنا تابع وشاهد كيف أن قوات دول التحالف سيطرت على المناطق الاستراتيجية اليمنية مثل باب المندب وكل الجزر اليمنية وكل المدن الساحلية من الغيظة والمكلا وحتى عدن والمخاء والخوخة وهي ، وأيضا سيطرتها على الموارد النفطية والغازية في مارب والجوف وشبوة وحضرموت وغيرها .
والنتيجة النهائية الذي خلص إليها تقرير خبراء الأمم المتحدة الذي صدر مؤخرا عن اليمن أن التحالف الذي قاد عاصفة الحزم ضد اليمن قد دعم وعمل على تحويل اليمن إلى دويلات ومجموعات مسلحة على ارض الواقع ، وأصبحت اليمن بلا دولة واحدة.
بمعنى أوضح أن السعودية والإمارات وبدعم أمريكي وبريطاني مباشر وغير مباشر ، لم تذهب بقواتها العسكرية وتدخلها العسكري في اليمن عبر ما يسمى بالتحالف العربي ومنذ البداية إلى دعم الشرعية الذي يمثلها هادي وحكومته حسب ما هو معلن ومدعوم من الأمم المتحدة ، وإنما انحرفت في مهامها منذ بداية الحرب وخلال ثلاث سنوات ومارست ونفذت خططاً عسكرية وسياسية قضت بها على الدولة اليمنية الواحدة ودمرت بنيتها التحتية والسياسية والعسكرية والاقتصادية ، وهي تعمل لتحويل اليمن إلى دويلات ومجموعات مسلحة متحاربة ومتناقضة لاتستطيع أي منها حسم الحرب وتحقيق النصر لصالحها وإعادة توحيد الدولة اليمنية نهائيا ، وهذا يتم وفق مخطط مدروس من قبل دول التحالف. ، مضعفة بذلك شرعية هادي إلى أقصى الحدود .
واستند تقرير خبراء الأمم المتحدة في تقييمه وإثبات صحة ماسبق ذكره على أربعة عوامل هي: الأول عدم قدرة الرئيس عبدربه منصور هادي على ممارسة الحكم من الخارج، الثانية، تشكيل مجلس انتقالي جنوبي، لديه هدف معلن وهو إنشاء يمن جنوبي مســتقل؛ الثالثة استمرار وجود الحوثيين في صنعاء، وكثير من مناطق الشمال؛ والرابعة انتشار عمليات مستقلة من جانب قوات عسكرية تعمل بالوكالة يمولها ويمدها بالسلاح أعضاء التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
والنقطة الأخيرة إشارة واضحة لقوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية والشبوانية المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة ثاني أكبر الأعضاء في قوات التحالف العربي باليمن.).
نستنتج من هذا ان كل قرارات دول التحالف العدوانية السياسية والعسكرية والاقتصادية كلها صبت أولا وأخيرا على القضاء على الدولة اليمنية والتي تجلت في التالي :
أولا تعمدت إضعاف شرعية هادي وحكومته حتى أصبحت بهذا الشكل والتيارات السياسية المتحالفة معه كالإصلاح ، ويندرج سحق الإصلاح في الجنوب.
ثانيا اشرفت ودعمت ومولت قيام المجلس الانتقالي الجنوبي كمكون سياسي وعسكري ليقيم دويلة جنوبية انفصالية، كما عملت على إنشاء مجموعات مسلحة منفصلة في القيادة ومتناقضة في حضرموت وشبوة ومارب وعدن وتعز وهناك الكثير الكثير من الأحداث التي كانت تصب كلها في القضاء على الدولة اليمنية ولا داعي للتفصيل فجميعها الآن تكشفت بعد صدور هذا التقرير ، ولو أننا وكل المتابعين للشأن اليمني كنا نعلم مسبقا ذلك من قبل وقد أشرنا في كتاباتنا خلال الثلاث سنوات عن مخططات دول التحالف وما تنفذه على أرض الواقع وحذرنا من مخططات العدوان التي تسعى إلى دفع اليمن إلى هذه النتيجة .
بقي أن نقول إن الأمم المتحدة وكل المبعوثين الدوليين لليمن ومجلس الأمن الدولي ، كانوا على علم مسبق وخطوة وخطوة منذ البداية بما تنفذه دول التحالف من خطط إجرامية في القضاء على الدولة اليمنية وتقسيمها ، وهم الذين شرعنوا لدول التحالف ما قاموا به في اليمن ، حتى أوصلوا اليمن إلى ما هو عليه الآن ، وهذا التقرير ما هو إلا تخل عن المسؤولية ومن باب النفاق ورفع العتب وهم مجبرون على كشف حقيقة ما يجري في اليمن أمام العالم ليبدو بترسيخه كأمر واقع ، ولأنهم لا يستطيعون إخفاء ما يجري في اليمن وقد تكشفت كل خططهم على ارض الواقع ، ولم يعد يجدي التخندق وراء شرعية هادي لأنها سقطت على ارض الواقع ، خاصة وقد شاهد العالم كل ماجرى من عنف وأحداث مؤخرا في عدن وسيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن واستيلائه على معسكرات الحماية الرئاسية لهادي ومصادرة أسلحتها .
أخيرا نقول وبعد ان تكشفت كل الحقائق وما قامت وتقوم بها دول التحالف في تقسيم اليمن وتفتيته واحتلاله: هل يستطيع الرئيس الفار هادي وحكومته الطلب من مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ، وقف وإنهاء أعمال وتدخل هذا التحالف الإجرامي وعلى رأسه السعودية والإمارات في اليمن ؟؟ إذا فرضنا ان هادي لازال يمتلك على قليل من ذرات الحرص على بقاء الدولة اليمنية ، اعتقد ستكون الإجابة (لا) لا يستطيع وهو محتجز في فنادق الرياض وبدون أي إرادة أو قرار !!!
ثم ما هي القوى التي يمكن لها الصمود والنضال من اجل توحيد اليمن والحفاظ على الدولة اليمنية ؟؟ ، وحشد كل الطاقات والموارد وتوحيد معظم الشعب اليمني خلفها ومن كل المحافظات تحت سقف الثوابت الوطنية وعلى اختلاف طوائفهم ومذاهبهم نحو تحقيق هذا الهدف ؟؟
ثقوا تماما ياقوم أن أي قوة سيكون هذا مشروعها سنكون معها بل ان معظم الشعب اليمني سيصطف خلفها وسيلتف حولها .

قد يعجبك ايضا