ابن سلمان يقابل باحتجاجات شعبية في لندن والبريطانيون يدخلونه من الأبواب الخلفية…

صلاح القرشي

قوبلت زيارة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لبريطانيا باحتجاجات واسعة من قبل المعارضة البريطانية ومن قبل الناشطين من الجاليات اليمنية والعربية والإسلامية في بريطانيا ، وقد رفعت على مختلف وسائل المواصلات مجسمات كبيرة لصور مشوهة لبن سلمان ورئيسة حكومة بريطانيا تريزا ماي وايديهما ملطخة بدماء أطفال اليمن ، باعتبار بن سلمان مجرم حرب قادت دولته تحالفا عدوانيا على اليمن وارتكبوا مئات المجازر التي تعد جرائم حرب ضد الإنسانية بحق أطفال ونساء وشيوخ اليمن ، وباعتبار بريطانيا إحدى أهم الدول الداعمة للإجرام السعودي على اليمن وإحدى اكبر الممولين لسلاح لسعودية ومن ضمن هذه الأسلحة أسلحة محرمة دوليا مثل القنابل العنقودية وغيرها.
الحشود الشعبية أمام مبنى رئاسة الوزراء البريطانية التي قادتها ونظمتها منظمة أوقفوا الحرب شكلت ضغطا شديدا على تريزا ماي في وجود ضيفها السعودي ، وهي تسمع هذه الحشود تطالبها بوقف بيع السلاح البريطاني للملكة السعودية كون هذا السلاح يقتل المدنيين الأبرياء ويدمر المنشآت المدنية ، وتطالبها بطرد مجرم الحرب بن سلمان .
السؤال هنا هل هده الضغوطات الشعبية للرأي العام البريطاني على حكومته سوف تحدث تأثيرا كبيرا في موقفها من السعودية وبحيث أنها ستخضع لمطالب هذه الضغوط وستوقف تزويد السعودية بالسلاح ام لا ؟؟؟
طبعا الإجابة ستكون لا لن تفعل ذلك تريزا ماي.، لأن الحسابات البريطانية في رسم سياستها الخارجية وعلاقاتها مع الدول تقوم على إعطاء الأولوية للمصالح البريطانية الاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها على المعايير الأخلاقية والإنسانية ، فالسعودية تعتبر من أهم الأسواق لبريطانيا في تصدير منتجاتها وسلعها ، والسعودية تعتبر من أهم الدول التي تعقد معها بريطانيا صفقات ضخمة لمبيعات سلاحها ، وبالتالي تتدفق إلى داخل الخزينة البريطانية عشرات المليارات من الدولارات سنويا هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإن تريزا ماي لن تعير هذه الضغوطات الشعبية الاهتمام الكبير وعينها شاخصة على ضيفها الأمير السعودي الذي يحمل في جعبته للخزينة البريطانية 100 مليار دولا كعقود سيمضيها أثناء زيارته مع تريزماي لصفقات سلاح جديدة وعقود استثمارية بحسب ما تم الإعلان عنه ، لكن في اعتقادي أن الـ100 مليار دولار التي سيضخها ابن سلمان للخزينة البريطانية هي أولا مقابل الحماية البريطانية لعرش الأسرة الحاكمة واستمرار حكمها ، وثانيا لشراء موافقة بريطانيا على تولي محمد بن سلمان كملك لسعودية ، وثالثا شراء الموقف البريطاني في دعم الملفات السعودية المفتوحة في المنطقة ومن بينها ملف الحرب على اليمن.
البريطانيون ينظرون للنظام السعودي كخزينة دولارات متحركة يجب السحب منها اكبر قدر ممكن من الدولارات ، وخاصة وأنهم مقبلون على دفع فاتورة طلاق الاتحاد الأوروبي لخروجهم من هذا الاتحاد والتي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات ، ويريدون ان تبقى الخزينة السعودية مفتوحة أمامهم على مصراعيها لأنها تعتبر من أهم المصادر النقدية لمواجهة تلك الاستحقاقات.
ومن اجل هذا لا أحد يعول على أي ضغوطات لتغيير موقف بريطانيا من السعودية أو وقف تزويدها بالسلاح ، سواءً كانت هذه الضغوطات داخلية شعبية أومن قبل المعارضة البريطانية أو خارجية،، فلا هذه الضغوطات والاحتجاجات المستمرة منذ عدة أسابيع أوقفت الزيارة ولا رشح من الدوائر السياسية البريطانية عن اي موقف قوي وجوهري مزمع ان تقوم به رئيسة وزراء بريطانيا ضد السعودية.
وأقصى ما ستقوم به تريزاماي تجاه هذه الضغوط الشعبية والمعارضة هو الاعراب عن القلق في وجه ولي العهد السعودي لموت وقتل الأطفال والنساء في اليمن جراء قصف طائرات التحالف والطلب من تحالف العدوان تخفيف الحصار وإبقاء بعض المنافذ مفتوحة لمرور المساعدات الإنسانية لليمنيين .
بريطانيا إحدى دول ما يسمى الرباعية التي تعنى بحل الأزمة اليمنية إلى جانب أمريكا والسعودية والإمارات ، وهو تحالف الحرب الحقيقي التي تديره أمريكا وبريطانيا بغية السيطرة وفرض الوصاية على اليمن ، وإبقاء اليمن تحت نفوذهما مع تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد عليه في تقسيمه وتفتيته وإضعافه ، وبالتالي لن تفرط أمريكا وبريطانيا بالموقع الجيوإستراتيجي لليمن وثروته، وهما تعملان على ذلك من خلال أدواتهما السعودية والإمارات، وكل ما حدث لليمن خلال الثلاث سنوات السابقة من الحرب والدمار والمجازر والتقسيم كان تحت إشراف وقيادة ودعم ومباركة البريطانيين والامريكيين على حد سواء.

قد يعجبك ايضا