عن تباين الصمود والعدوان..

 

بقلم – هاشم أحمد شرف الدين
تفرز الحروب حالة من التباينات الحادة بين المتحاربين وتنتج رسائل واضحة للمعنيين بها، ومع ذلك تتباين المواقف إزاءها.
في العدوان على اليمن تجلت حالة من التباين اليمني منذ الوهلة الأولى، بين فريقين أحدهما يهتف بحياة الوطن والشعب وبضرورة مواجهة العدوان، والآخر بالشكر لسلمان، رغم وضوح الصورة تماما..
فقد تم تبرير هذه الحرب ابتداء ب”كذبة” طلب الدمية هادي تدخل السعودية لإعادة ما تسمى السلطة الشرعية إلى اليمن، الشرعية التي هي كذبة أيضا.
ومنذ الغارة الأولى ظهر جليا أن العدوان على اليمن سيكون وحشيا يستهدف النساء والأطفال من بين المدنيين تحديدا دون أي اكتراث بالقوانين الدولية.
ومثل استهداف البنى التحتية من مدارس ومشاف وجسور وطرق وخزانات مياه وغيرها مقياسا لحجم “حقد” النظام الأمريكي ومن خلفه النظامان السعودي والإماراتي وحلفائهم على الشعب اليمني.
وقدم الحصار الخانق المضروب على الشعب اليمني الدلالة الدامغة على مدى “الكره المشبع بالعدائية والغل” لدى قوى العدوان تجاه الشعب اليمني بغرض تجويعه لتركيعه عبر حرب اقتصادية وقحة أوقفت حتى تسليم مرتبات موظفي الدولة مدنيين وعسكريين، وما ترتب على ذلك من ترد في الخدمات الصحية وغيرها مخلفة أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب توصيف الأمم المتحدة ومنظماتها.
وفيما يستمر مسلسل تصفية خطباء المساجد بعدن شرع ينتقل إلى تعز حيث إنشاء الميليشيات وتحفيزها على ارتكاب الموبقات من نهب وسلب وقتل وسحل وترويع للمواطنين، وفي حضرموت البعيدة عن جبهات القتال قتل قبل أيام تسعة جنود.
وبينما ظل الصمود الأسطوري اليمني يتعاظم بمرور الأيام بوجه المعتدين ظلت تتكشف دناءة قوى العدوان ساحبة معها زيف ادعاءات الوطنية لتسفر الوجه القبيح للمرتزقة الأنذال الديوثين، الذين ظلوا يبررون ويبررون حتى والغزاة يزجون ببعضهم في غياهب السجون يسومونهم سوء العذاب وصنوف التعذيب والتغييب.
وحين ‏أغاظتهم المرأة اليمنية – وعيا وصمودا وتحركا جادا ومسئولا – حاول الغزاة المحتلون الأمريكيون السعوديون الإماراتيون وحلفاؤهم السودانيون امتهانها والانتقام منها والاعتداء عليها جنسيا، ليقدموها في صورة المذلولة المغتصبة كما أظهروها في بلدان عربية أخرى تعرضت للاحتلال، ولن يفلحوا، فالمرأة اليمنية ستبقى شامخة أبية ومصنعا لرجال الرجال، وتصب ‏لعناتها على ذلك اليمني الذي ملأ الدنيا ضجيجا عن السوريات في الغوطة ثم بلع لسانه عن اليمنية المغتصبة في الخوخة.
كان المؤمل أن تنهي حادثة الاغتصاب حالة التباين اليمنية القائمة، لتشكل إجماعا يمنيا على أن العدوان ليس في صالح اليمن، وأن الأطماع الخارجية والتوجهات السياسية هي الدافع الرئيسي من ورائه، لكنها لم تكن كافية كما يبدو سوى للحد منها، فقد استشرت سموم العمالة والارتزاق في قلوب البعض وعقولهم، لكنها مع هذا الغضب الشعبي العارم تؤسس للفظ كامل لأولئك المرتزقة الذين عروا ديوثيتهم بشكل واضح في مواقفهم المنحطة من هذه الحادثة.
إن الصمود الأسطوري اليمني لم يكشف سوأة المعتدين ومرتزقتهم وحسب، بل وذلك التردي الأخلاقي لدى غالبية الأنظمة والحكومات في العالم التي فضلت أن تبقى عمياء صماء خرساء تجاه مظلومية الشعب اليمني.
وكما هو التباين بين الحق وبين الباطل، فهو التباين بين شعب الإيمان والحكمة وبين الشيطان الأكبر وقرنه..
يعرف اليمنيون من يكونون.. ويعرفون من يكون أعداؤهم.
ويدركون أن أعظم سؤال يخلد صمودهم أمام العدوان هو:
ماذا لو أنهم لم يواجهوا العدوان طيلة الثلاثة الأعوام الماضية؟
ماذا كان الغزاة سيفعلون بهم؟

قد يعجبك ايضا