أعددنا مشروع تعزيز المساءلة الجنائية لمجازر العدوان أمام المحاكم الدولية

*رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان عبدالله علاو لـ(الثورة):

لقاء/ أسماء البزاز
أكد رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان الأخ عبدالله علاو أن جرائم العدوان السعودي الأمريكي طيلة الثلاث السنوات الماضية جرائم حرب تُعرض العدوان وتحالفه للمساءلة القانونية أمام المحاكم الدولية.
ودعا إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق والتحقيق في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين وتفعيل الملاحقة والمساءلة وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب .. متهماً الأمم المتحدة بالتقاعس عن اتخاذ خطوات جادة لوقف العمليات الجوية ورفع الحصار عن الشعب اليمني:

بداية أستاذ عبدالله .. طيلة ثلاث سنوات منذ بدء العدوان هل هناك مشروع لتعزيز دور الآليات الدولية للمساءلة الجنائية لمرتكبي جرائم الحرب في اليمن؟
– في الحقيقة نحن في مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان أعددنا مشروعا يهدف إلى تعزيز المساءلة الدولية لمنتهكي حقوق الإنسان بالقضايا المتعلقة بجرائم الحرب في اليمن، من خلال بناء قدرات محامين، ناشطين، راصدين، وإعلاميين يتم استقطابهم من عشرين منظمة حقوقية مدنية ناشطة في سبع محافظات (صنعاء، تعز، عدن، حضرموت، الحديدة، البيضاء وصعدة) وذلك لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بجرائم الحرب بالإضافة إلى كيفية إعداد تقارير مهنية بشأنها، وأيضاً من أجل المناصرة المحلية والدولية من خلال الإعلام واستخدام الآليات الدولية وفي مرحلة لاحقة سيتم إجراء نزولات ميدانية من قبل المتدربين بهدف رصد وتوثيق حوالي 30 حالة انتهاك مرتبطة بجرائم الحرب ضمن المحافظات السبع والتي على أساسها سيتم صياغة تقرير نهائي من قبل مختصين قانونيين.
ولماذا لا يتم إنشاء أو تأسيس ائتلاف وطني لتحقيق المساءلة الجنائية لهذه الجرائم؟
– وهذا ما نهدف ونسعى إليه في نهاية هذا الجهد الحقوقي والقانوني وذلك بإشهار ائتلاف وطني تحت عنوان ” الإتلاف المدني الوطني للمساءلة الجنائية لمرتكبي انتهاكات مرتبطة بجرائم الحرب في اليمن “، يشارك بها عشرون منظمة من منظمات المجتمع المدني اليمني ذات الخلفيات الحقوقية المختلفة القادمة من المحافظات السبع (وهي منظمات تلقت التدريب حول المناصرة الإعلامية والدولية)، وسيتم تطوير نظام داخلي لإدارة الائتلاف بالتناوب بين المنظمات المشاركة وسيقوم هذا الائتلاف بالضغط وتطوير خطة عمل لحملات مناصرة إعلامية ودولية، تستند إلى القانون الدولي الإنساني والمحكمة الجنائية الدولية وتهدف إلى مساءلة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات المتعلقة بجرائم الحرب.
هل وثقتم مختلف الانتهاكات الحقوقية والصحية والإنسانية؟
– نعم .. فقد وثقنا ذلك منذ بدء العدوان على بلادنا في السادس والعشرين من مارس 2015م باستخدام مختلف الأسلحة التدميرية بما فيها الذخائر العنقودية المحظورة دوليا والتي تسببت في مقتل وإصابة آلاف المدنيين، وكان الأطفال والنساء أبرز الضحايا، كما تسببت في شلل شبه تام لكافة نواحي الحياة؛ كما فرضت حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً مطبقا، ومنعت دخول السلع والمواد الأساسية الغذائية والمستلزمات والأدوات الطبية والمشتقات النفطية والمساعدات الإنسانية والإغاثية. بالإضافة إلى استجلاب المرتزقة للقيام بعمليات قتالية في الأراضي اليمنية، وقدمت الدعم المباشر للعناصر والجماعات المسلحة المتطرفة كالقاعدة وداعش وأوكلت إليها تنفيذ العديد من المهام القتالية، وتنفيذ عمليات القتل والذبح والسحل والإبادة الجماعية والتطهير العرقي لمجموعة من السكان، حيث تمثل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، يضاف إلى ذلك احتلال الأراضي اليمنية وإنشاء السجون السرية وممارسة التعذيب والإخفاء القسري ناهيك عن انتهاك السيادة اليمنية والعبث الممنهج بمحمية سقطرى الطبيعية من خلال النهب والاتجار غير المشروع وتجريف الثروة الطبيعية والشعب المرجانية والأحياء البحرية والنباتات النادرة.
ذكرتم في المسودة التقريرية للمؤسسة أن هناك ما يقارب 3.2 مليون تحت وطأة النزوح والتشريد .. حدثونا عن وضعهم الإنساني؟
– في الحقيقة إن تنامي مخاطر الغارات الجوية وانتشار رقعة المواجهات المسلحة المحلية قد أجبر فعلاً ما يقارب (3.200 مليون) مواطن على النزوح والتشرد والعيش في أوضاع مأساوية بالغة التعقيد والصعوبة، يفتقرون فيها لأبسط مقومات الحياة والمعيشة وفي انعدام شبه تام للخدمات الأساسية والرعاية الصحية والمياه النظيفة، مما وفر بيئة حاضنة لتفشي الأمراض والأوبئة في أوساط النازحين والمجتمع ككل. وشهدت اليمن تنامي وانتشار مرض الكوليرا وبلغت حالات الإصابة به مليون مواطن، أعقبه انتشار الدفتيريا، كما تسبب الحصار ومنع وصول المستلزمات الأساسية في تفاقم الوضع الإنساني وبات ملايين السكان مهددين بالمجاعة في ظل انعدام الأمن الغذائي، والصحي.
تقييمكم لدور الأمم المتحدة في وقف العمليات العسكرية ورفع الحصار طيلة ثلاث سنوات مضت؟
– كانت متقاعسة جداً وكان لتقاعس الأمم المتحدة في عدم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لوقف العمليات الجوية والحصار وتأسيس آلية دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات والجرائم وضمان تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا وتعزيز آليات المحاسبة للمنتهكين الدور البالغ في تنامي الكارثة الإنسانية في اليمن، واستمرار مسلسل القتل اليومي لآلاف المدنيين واستمرار كافة التجاوزات والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي طيلة الثلاثة أعوام الماضية.
وما هي أبرز الجرائم التي تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني؟
– أبرز الجرائم هي الهجمات التي تستهدف المدنيين والتجمعات السكانية، حيث يوفر القانون الإنساني الدولي سبلاً لحماية المدنيين وغيرهم من غير المحاربين من أضرار النزاع المسلح، فهو يتطرق إلى كيفية سير الأعمال القتالية. من قِبل جميع أطراف النزاع، وعلى رأس تلك المبادئ مبدآ “حصانة المدنيين” و”التمييز” ـ أي اشترط ألاّ يكون المدنيون هدفاً عمدياً للاعتداء قط، وأن على أطراف النزاع التمييز في كافة الأوقات بين المحاربين والمدنيين، وتشير آخر إحصائيات مؤسسة الشرق الأوسط إلى أن الغارات الجوية منذ مارس 2015م وحتى مارس 2018م قد تسببت في مقتل أكثر من (15.500 مدني) منهم (2937 طفلا) و(2260امرأة) كما جرح (30500مدني) منهم (3400 طفل) و(3750امرأة) وهي مرشحة للتنامي في ظل استمرار الغارات الجوية واستمرار العدوان على اليمن.
ومن أبرز الجرائم جريمة (حي بني حوات) لإحدى تلك الغارات الجوية مما تسبب في مقتل (29) مدنياً بينهم أطفال ونساء وجرح عدد (42) مدنياً واستهداف أحد المنازل في حي القاسمي بمدينة صنعاء القديمة تسبب في مقتل (5) مدنيين بينهم امرأة وطفل ، كما دمرت 3 منازل بالكامل، واستهدف حي فج عطان بأمانة العاصمة صنعاء صباح الأحد 20 ابريل 2015م كانت الأشد قوة والأكثر تأثيراً وفتكاً نظراً لطبيعة القنبلة المستخدمة في تلك الغارة وألحق أضرارا بالغة بوحدات سكنية قدرت بحوالي ثلاثة آلاف وحدة سكنية من منشآت خدمية حكومية وتجارية بلغت حصيلة الضحايا من المدنيين 84 قتيلاً و364 جريحا كما اعتبرت 45 جثة مجهولة الهوية.
وعزاء آل الرويشان واستهداف الصالة الكبرى وسقوط المئات من المدنيين الذين كانوا يتواجدون هناك بينهم عدد كبير من رجالات وقيادات الدولة وجريمة سوق مستبأ بحجة وصالات الأعراس وغيرها من الجرائم الوحشية المروعة التي قتلت آلاف المدنيين الأبرياء.
في 26 /11 /2017م أعلن المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة اليونيسف غيرت كابيلياري أن أكثر من 11 مليون طفل يمني بحاجة ماسة لمساعدات إنسانية .. أين المجتمع الدولي من هذه الأرقام المخيفة؟
– نعم .. أكثر من 11 مليون طفل يمني بحاجة ماسة لمساعدات إنسانية ونحو مليونين منهم يعانون من سوء التغذية الحاد، والذي يعاني الحصار والحرب هو من أسوأ الأماكن على وجه الأرض بالنسبة للأطفال، وقال كابيلياري: إنه كل عشر دقائق هناك طفل في اليمن يموت من الأمراض التي يمكن الوقاية منها, مضيفاً إن الحرب في اليمن هي للأسف حرب على الأطفال, حيث قتل وأصيب إصابة خطرة ما يقرب من خمسة آلاف طفل خلال عامين ونصف العام فضلاً عن تضرر وتدمير آلاف المدارس والمرافق الصحية، وما يضيف لقتامة المشهد تفشي وباء الكوليرا الذي أصاب نحو مليون يمني (25 %)من الأطفال. إضافة إلى حالات الدفتيريا المشتبه بها التي بلغت 678 ووفاة 48 حالة في ظل انتشار سريع للمرض بحسب الأمم المتحدة وإلى ذلك تقول اليونيسف إن قرابة مليوني طفل لا يذهبون إلى المدرسة ولكن الدور الدولي لم يحرك ساكناً!.
وهل لديكم إحصائيات بحجم الانتهاكات التي طالت الطفولة في اليمن؟
– وفقاً للبيانات الإحصائية لدى مؤسسة الشرق الأوسط، والتي توصلت إليها عبر الرصد اليومي لوقائع الانتهاكات، وبالاستناد على بيانات الجهات الحكومية الرسمية فقد بلغ إجمالي عدد الضحايا من الأطفال خلال الفترة من 26 مارس 2015م حتى مارس 2018م (2937 قتيلا و3400 جريح نتيجة الغارات الجوية)، كما فقد (3 % من إجمالي المواليد خلال نفس الفترة خلقوا بتشوهات خلقية في الأجنة) كما أن (247000 طفل توفى بسبب سوء الأغذية والأوبئة).
نساء اليمن صمود وثبات رغم المعاناة والانتهاكات .. حدثنا عن التحديات التي واجهت المرأة اليمنية منذ بدء العدوان؟
– حقيقة أضحت المرأة اليمنية منذ بدء الحرب تتعرض للعديد من المخاطر المهددة للحياة، فبالإضافة إلى القتل المباشر الذي طالهن نتيجة الغارات الجوية، والاشتباكات المحلية، فإن التدهور الكبير الذي أصاب القطاع الصحي وانتشار الأوبئة وتزايد معدلات سوء التغذية والفقر والبطالة في مختلف محافظات البلاد فاقم من معاناتهن، والأضرار لا تقف عند حد إلحاق الضرر المادي بجسدها أو قتلها بل تتجاوز ذلك إلى هدم مساكن الأسر وتدمير ممتلكاتها وإجبارهن على النزوح والتشرد والعيش في أوضاع مأساوية تفتقر لأبسط مقومات الحياة، كما حرمت النساء في اليمن من الحصول على الرعاية الصحية الخاصة بهن حيث اصبحت الحوامل يلدن في ظروف صحية صعبة جدا وتفقد بعض النساء حياتهن بسبب تعقيدات الحمل أو بسبب أمراض كان من الممكن علاجها إذا وصلت في الوقت المناسب، واكدت الاحصائيات أن أكثر من نصف مليون من النساء الحوامل موجودات في المناطق الأكثر تضرراً وهن أكثر عرضة للولادة أو مضاعفات الحمل ولا يستطعن الوصول إلى المرافق الطبية التي سجلت ما يقارب (420) حالة إجهاض، أي بزيادة ما نسبته (30 %)مقارنة بمعدلات الاجهاض خلال فترة ما قبل العدوان، كما تشير الاحصائيات إلى أن (1.1) مليون امرأة حامل تعاني من سوء التغذية، وأن (52.800) امرأة حامل معرضة لخطر الإصابة بمضاعفات، و(2.6 مليون) امرأة وفتاة عرضة لخطر العنف على أساس النوع الاجتماعي، و(52.000) امرأة عرضة لخطر العنف الجنسي بما فيها الاغتصاب، و(10.806) حالة عنف قائم على النوع الاجتماعي تم الإبلاغ عنها في العام 2016م.
إذاً ما هي الآليات المتخذة في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن؟
– تعددت مواقف وأدوار أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان تجاه مجمل القضايا التي أفرزتها أفعال وممارسات دول تحالف العدوان بما فيها صدور الكثير من القرارات عن مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، وكان للمفوضية السامية لحقوق الإنسان دور محوري في تبني قضايا حقوق الإنسان في اليمن، من خلال تقاريرها التي تقدمت بها بشكل دوري والتي كانت منصفة إلى حد ما في حالات عدة، ولكن يظل الدور السلبي لمختلف أجهزة الأمم المتحدة في عجزها عن القيام بمسؤولياتها تجاه ما يمارس في اليمن من الأفعال والتي قد ترقى غالبيتها للجرائم الأشد خطراً وفق مواثيق القانون الدولي الإنساني، ويتم تصنيف المنظمات المحلية على أنها منظمات موالية لأحد الأطراف لذلك لا يمكن الوصول إلى نتائج فعلية عن الانتهاكات “إلا من خلال لجنة مستقلة تعمل بشكل علمي وتقوم بالمعاينة الميدانية والاستماع إلى الشهود وتتعاون مع المنظمات الإنسانية الموجودة في الميدان”، لذلك ظهرت الدعوات لتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جميع الانتهاكات المرتكبة ضد اليمنيين.
كلمة أخيرة ؟
– على المجتمع الدولي التحرك العاجل والفاعل للوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه السكان المدنيين في اليمن واتخاذ قرارات فورية للوقف الفوري للعدوان ورفع الحصار الجوي والبري والبحري والسماح بدخول كافة الاحتياجات الأساسية الغذائية والطبية والمشتقات النفطية وتقديم الإغاثة العاجلة للشعب اليمني وضمان إعادة النازحين والمهجرين إلى مناطقهم، وتشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق والتحقيق في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين. وتفعيل الملاحقة والمساءلة وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب، وإدانة التحالف بدعم الإرهاب وتكليف المقرر الخاص بالجماعات الإرهابية ولجنة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة وذلك للتحقيق في علاقة السعودية ودول التحالف بتبني ودعم وتمويل الإرهاب في اليمن والوفاء بالالتزامات الدولية في مكافحة الإرهاب لضمان تعزيز الأمن والسلم الدوليين.

قد يعجبك ايضا