وللحرية والكرامة والعزة ” ثمن “

 

محمد أحمد المؤيد

لكل شيء ثمن أو تضحية , من أجل الحصول عليه أو حيازته , لأن الحياة بشكل عام بضائع وسلع , فإذا أراد أحدنا سلعة فعليه دفع الثمن , وإذا دفع الثمن أصبح الشيء قيد الاستهلاك والاستخدام (مفعل) , حتى الإنسان وكما هو شائع بين عامة الناس بقولهم أن : ” الإنسان بضاعة موت ” , أي الإنسان بضاعة والثمن العمر وما عمل فيه , والمشتري هو الله قال تعالى : ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون ” صدق الله العظيم , أي أن المؤمنين بضاعة (أموالهم وأنفسهم) , والمشتري الله , والثمن أن لهم (الجنة) , وقال تعالى : ” قد خسر الذين كفروا بلقاء الله” صدق الله العظيم , فهنا ذكر الله (قد) لتعبر عن البت والتسبيق في الحكم بأنه لا مجال للتأويل والتعليل والتسويف أكثر من هذا الكلام , ثم ذكر سبحانه خسر وهي النتيجة والثمن لمن كفر , أي من كفر فقد باءت بضاعته بالخسران , أي نفسه وحياته صارت إلى الخسران المبين ” ونعوذ بالله من الخسران ” , وهذا دليل قاطع على أن كل شيء له ثمن في الحياة حتى النفس والروح والجسد للإنسان تكون إلى زوال واستهلاك وثمن.
وبما أن الإنسان قد وجد على هذه الزائلة , وله قيمته وحريته وكرامته , وهو ما جاء به نبينا محمد صلوات الله عليه وآله وصحبه فقال تعالى : ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” صدق الله العظيم , فإكمال الدين وإتمام النعمة هي تأتي بالعبودية المطلقة لله وحده لا شريك له ولا ند , وهي تأتي بمنطلق تحرير الإنسان من عبادة الإنسان أو الأشياء والأوهام على هذه المعمورة إلى عبادة الواحد الديان الله سبحانه , ولذا فرسول الله محمد لم يقرأ هذه الآية إلا في حجة الوداع , فكانت ملخصةً لما سعى إليه سيدنا رسول الله (ص) , وهي إبلاغ الناس بكمال الدين وتمام النعمة بالحرية الفردية والجماعية لكل إنسان , فلا يعبد ولا معبود إلا الله , وكل إنسان حر في خلاص عمله , وهو حر في أدائه , والذي سيفضي به إما إلى الجنة أو إلى النار , ” اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار ” .
غير أن البشرية لم تعِ معاني الدين الإسلامي الحنيف , كونها لازالت في عبودية إما لإفراد أو دول , فالناس لازالت تمجد وتنصاع إلى بشر غير صالحين , بظنهم أن لا مصلحة ولا رزق ولا عمل ولا مال ولا جاه إلا بطاعة لفلان أو علان أو دولة فلانية وهكذا , حتى صار الناس في توهان مستمر ولا يعرفون ما سبب هذا التوهان, ولا يعرفون أنها فقط خيوط وحبال تشكلت كقوانين أو على أقل الأحوال تشكلت كاعتقادات وتصورات ورؤى لا تنفك تحبط الإنسان في جميع توجهاته ومساره في حياته , كما هو راسخ في أذهان الكثيرين منا أنك لن تستطيع الحصول على وظيفة أو منصب أو منزلة معينة إلا إذا أتقنت الإنجليزية كتابة ونطقاً ومحادثة ومعرفة تامة بالكمبيوتر والعمل عليه , فحصروا الرزق والحياة والأمنيات والآمال لغالبية شباب الأمة عند هذه المواضيع والأفكار .
فلو تأملنا ملياً لوجدنا كيف أن الغرب وخاصة أمريكا تتسلط على حرية الشعوب وخاصة منها الشعوب العربية ومن ضمنها اليمن , والتي لو نظرنا لمجمل الأحداث والحرب منذ بداية الأزمة والاعتصامات في الجامعة لوجدنا أمريكا حاضرة وبقوة , لا لشيء وإنما كونها تعتبر نفسها وصية على يمن الإيمان والحكمة , والدليل هذه الحرب وكل هذا الدمار والدماء لم يكن لها أن تصير لولا التدخل المباشر لأمريكا , والذي أعلن سفير آل سعود الحرب على اليمن من واشنطن , كيف لا وهي منذ أن تولى صالح الحكم – رغم دهائه وحذره الشديد عن معرفة منه بسوء مبتغاها – وأمريكا تعمل معه دور الوصي على اليمن , فما أن خرج المعترضون أو المحتجون على سياساته إلى ساحة الجامعة وإذا بها رأت حينها أن صالح قد انتهت صلاحيته عند هذا الحد , وضرورة التغيير بما يناسب الجيل المستقبلي لليمن , ويبدو أنها رأت أن تركب الموج, حتى أنها قامت وبالتعاون مع دولة تركيا في استقطاب بعض الشباب الثائرين وتسفيرهم لتؤهلهم في دورات تدريبية وتأهيله لقيادة البلاد مستقبلياً والذين لا يزالون إلى اللحظة متواجدين في أمريكا وتركيا , وبإشراف وتمويل ومتابعة مستمرة منها وتركيا , ثم حدث ما حدث و نصبت عبدربه رئيسا للبلاد , وحاولت مرارا وتكرارا للعمل على تهيئة للاتفاق بين القوى السياسية لإعادة انتخابه أو استمرار توليه كرئيس للبلاد مرة أخرى فباءت المحاولة بالفشل , كونها تريد تهميش دور أنصار الله في البلاد عقب دخولهم صنعاء , كون دخولهم صنعاء كان خارجاً عن إرادتهم ودعمهم بل كان غصباً عنهم , وبكونهم لم ينصاعوا لمطالبها وأطماعها , لذا تم الاتفاق السري بين جميع قوى تحالف الشر للبدء بالحرب , وحدث ذلك فعلا وبطريقة جبانة وغادرة بدون سابق إنذار وتحذير , وهم بعملتهم هذه يريدون النيل من البلد , كونها بمنظورهم قد صارت في يد ” الحوثي ” , وكذا مباغتة منهم لأنصار الله وشرفاء الوطن من جميع القوى السياسية للبلد , وهم بهذا يعتقدون أنهم سيجهضون نيتهم وعزيمتهم على المضي قدماً بالبلد في درب الحرية والعزة والكرامة , التي لا تقبل الرضوخ لأمريكا وتسلطها في المنطقة والانصياع لسياسة القطب الواحد , ولكن الله سلم وانقلب السحر على الساحر , وها هم مستمرون حتى اللحظة ولم ينالوا إلا شراً زرعوه وسيحصدونه في المستقبل القريب إن شاء الله , والله لهم بالمرصاد.
صارت الحرب الظالمة على اليمن بقيادة السعودية وأمريكا , وها هي مستمرة منذ ثلاث سنوات وها نحن ندخل في الرابعة, ولكن الله سلم , لأن ما صار في أوساط الشعب اليمني برمته جراء العدوان الهمجي والبربري من التحالف السعوأمريكي , هو فقط ما سيعتبره كل يمني ثمناً للكرامة والعزة والحرية لشعب اليمن واليمن ككل , والذي سيجنيه إن شاء الله الشعب اليمني الكبير نصراً وعزة وكرامة وحرية عاجلاً أم آجلاً , والله قدير , وهذا بحد ذاته نصر مبين والحمد لله .
..ولله عاقبة الأمور..

قد يعجبك ايضا