فتاة الخوخة بين النصرة والخذلان

 

عبدالفتاح علي البنوس

صحيح أن جريمة اغتصاب الجندي السوداني المرتزق لإحدى فتيات الخوخة ليست الجريمة الأولى التي تشهدها المناطق الواقعة تحت سلطة قوى الغزو والاحتلال وقطيع العمالة والارتزاق ، فقد سبقتها جرائم مماثلة كانت تحاط بالكتمان وما يتسرب من تفاصيل حولها كانت محصورة ومحدودة التناقل ، ولكن اللافت في جريمة فتاة الخوخة أنها جريمة مثبتة ومسجلة لدى مرتزقة الغزاة والمحتلين الذين يقاتلون إلى جوار السوداني المرتزق الذي ارتكب هذه الجريمة النكراء ، وهو ما جعلها تحظى بكل هذا الاهتمام وتسليط الضوء عليها والتفاعل معها وإعلان النكف القبلي بعد أن تم توثيق الجريمة وتثبيتها بخلاف ما كان عليه الحال في الجرائم المماثلة السابقة .
علاوة على أن جريمة اغتصاب فتاة الخوخة جاءت في ظل توقيت خطير ، كان العدوان فيه يتحدث عن تقديمه مساعدات إنسانية للشعب اليمني ،وكان مجلس الأمن ومعه الأمم المتحدة يشيدان ويثمنان الدعم الإنساني الذي تقدمه السعودية والإمارات للشعب اليمني ، ويبدو أن اغتصاب الفتيات وانتهاك الأعراض يندرج ضمن هذه المساعدات التي أوكل تنفيذها لقطيع مرتزقة الجنجويد وما حصل في الخوخة خير شاهد وما خفي كان أعظم وأفظع ، فهذا هو الدعم السعودي وهذه هي المساعدات الإماراتية ، وهذه هي النصرة السودانية ، وهذه هي حقيقة تحالف البعران ضد يمن الحكمة والإيمان .
لقد شكلت مسيرات الغضب الجماهيرية ، والوقفات الإحتجاجية الواسعة التي شهدتها العديد من المحافظات والمدن اليمنية والتي شاركت فيها الحشود البشرية الكبيرة من الجنسين رسالة قوية للغزاة والمرتزقة من الداخل والخارج مفادها أن الشعب اليمني يعاف مثل هذه الممارسات والجرائم غير الاخلاقية ، وأنه لن يقبل بانتهاك الأعراض اليمنية حتى في داخل المناطق التي خدعوا أهلها ووسموها بالمحررة رغم أنها في الحقيقة التي تقبع تحت وطأة المحتلين والغزاة وأذنابهم ، لقد خرج أحرار وشرفاء اليمن ليعبروا عن إدانتهم واستنكارهم لهذه الجريمة ووقوفهم ضد الغازي المحتل والمرتزق وضد مشاريعهم التدميرية لكل ما هو جميل في البلاد واستبدالها بكل ما هو قبيح ، وليقولوا لمن لا يزالون في حضن الغزاة والمرتزقة ماذا بعد انتهاك العرض والتعدي على الشرف ؟!
هذه المواقف اليمنية الأصيلة التي تشرئب لها الأعناق وترتفع لعظمتها وقوتها الرؤوس هي مدعاة للفخر والاعتزاز والسمو والرفعة ، فهذه هي النخوة والغيرة اليمانية الإيمانية ، وهذا هو الموقف اليمني والرد المعنوي على جريمة الخوخة ، وهناك الرد العملي بالتوجه نحو الجبهات للأخذ بالثأر ، أما أولئك الحثالة من اليمنيين واليمنيات والذي قال أحدهم بأنه يقبل بأن تغتصب كل محارمه ولا يقبل بأن يحكمه الحوثي على حد وصفه ، وتلك الفتاة التي قالت بكل وقاحة ووضاعة بأنه من الهين عندها أن تغتصب ألف مرة من السوداني المرتزق ولا تقبل بدولة الحوثي حسب زعمها ، وهناك نماذج كثيرة لهذا القبح ، ولهذا السقوط ولهذه الوضاعة والدياثة ،والتي تأتي من باب المناكفة السياسية وصراع المصالح السياسية والحزبية وتصفية الحسابات واستهداف الخصوم وهنا منتهى القبح والدياثة .
بالمختصر المفيد، لا مقارنة بين يمني انتصر لعرضه وشرفه بخروجه في المسيرات ومشاركته في الوقفات وتحركه صوب الجبهات ، وبين يمني يشارك في انتهاك عرضه وشرفه ويقاتل في صف الغزاة والمرتزقة ويدافع عنهم ويبرر لهم قبحهم وإجرامهم ، إن الفرق كبير وكبير جدا بين النصرة والخذلان وبين النخوة والشرف والعهر والدياثة ، وبين من يخرج للقتال لدحر الغزاة ، وبين من يخرج للقتال لإدخال الغزاة إلى بلده وتمكينهم من احتلال بلده ، وانتهاك سيادته وكرامته ، وهتك عرضه وشرفه ، فشكرا لكل الأحرار الغيورين على العرض والشرف اليمني ، وتعسا وسحقا لأشباه الرجال من المرتزقة المخذولين الذين تاجروا بالوطن والعرض والشرف ، شكرا لمن هتف( يا سوداني ياخسيس عرض اليمني مش رخيص )، ولعنة الله على كل عميل مرتزق هتف بالأمس (شكرا سلمان) ووقف اليوم مع السوداني الرخيص مدافعا منافحا مبررا لفعله الخسيس .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

قد يعجبك ايضا