علاقة الاقتصاد والإنفاق العام بالضرائب مسألة حتمية تستدعي ترتيب الأوراق

د. الشامي: هناك ضعف في الإحصاءات وعدم دقة في البيانات سيتم تصحيحها
حجر: الوعاء الإيرادي انخفض إلى 50% وبعض المؤسسات تقدم إقراراً ضريبياً بعدم القدرة على الدفع
الجمال: زيادة كفاءة الإجراءات الإدارية والسياسات الضريبية لتصويب فجوة المالية العامة
تحقيق/ أحمد المالكي
برؤية تحقيق إدارة ضريبية حديثة ذات كفاءة وجودة شاملة تحقق العدالة والوضوح وتعزز الامتثال الطوعي للمكلفين لأداء الالتزامات الضريبية بيسر وسهولة وبرسالة تؤدي إلى تقديم خدمات ضريبية متميزة لخلق مجتمع ضريبي واعٍ وملتزم بأداء الضرائب المستحقة قانوناً بحيث يسهم بفعالية في مسيرة البناء والتنمية وبهدف الارتقاء بمستوى الأداء الضريبي نحو معايير الجودة الشاملة وتنمية الوعي لدى المجتمع الضريبي والتعريف بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وفقاً للقوانين النافذة وحتى يتم خلق ثقافة الالتزام الطوعي للمكلفين لأداء الضرائب المستحقة وبأقل وقت وجهد وكلفة بالتزامن مع أهمية مكافحة التهرب الضريبي بفاعلية وإعطاء الأولوية لتحسين الشفافية والموضوعية خاصة والبلاد تتعرض منذ أكثر من ثلاثة أعوام لعدوان غاشم وحصار اقتصادي شامل وهناك تعويل كبير على الضرائب في هذه المرحلة الحساسة لرفد الخزينة العامة للدولة والتخفيف من معاناة الشعب اليمني الأبي بالتحصيل الضريبي وفق آليات لا تتجاوز القانون النافذ ودون فرض أي زيادة جديدة.
في التحقيق التالي “الثورة” تسلط الضوء على آليات وأهمية تحصيل الضرائب وارتباط ذلك بالاقتصاد الوطني والإنفاق العام.. إلى التفاصيل:
تعهد
الدكتور هاشم محمد الشامي- رئيس مصلحة الضرائب يسلط الضوء على الدور المنوط بمصلحة الضرائب في هذه المرحلة الحساسة ويتعهد في تصريحات لـ”الثورة” بتسهيل كل الصعوبات والمعوقات والإجراءات والتعامل بكل صدق ووضوح بانتهاج السرعة في الإنجاز والأداء والعمل على حل جميع المشاكل العالقة سواء أمام لجان الطعن أو التسوية أو المحاكم، مؤكداً أنهم في مصلحة الضرائب وكجهة حكومية يعول عليها في الوقت الراهن وفي هذه المرحلة الحساسة والبلاد تتعرض لهذا العدوان والحصار الاقتصادي الغاشم على رفد الخزينة العامة وأن هذا لا يعني زيادة في الضرائب أو الجباية ورفع الرسوم والمستحقات وإنما تحصيل ما هو حق وقانوني فقط ولن تتم المطالبة بأكثر مما هو موجود في اللوائح والقوانين الخاصة بتحصيل الضريبة العامة، مشدداً على أهمية التعاون مع المصلحة للإسهام في التخفيف من معاناة الشعب اليمني الأبي وزيادة صموده.
تصحيح
ويضيف الدكتور الشامي إنه ولأجل المصداقية في العمل الجاد فقد تم البدء بتشكيل غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة خاصة بشكاوى المكلفين والقيام بحل مشاكلهم وتصحيح الأخطاء ومعالجتها وحث المكلفين على سرعة المبادرة وتقديم الاقرارات الضريبية وسداد الضرائب المستحقة في المواعيد المحددة وتسديد ما تبقى على المكلفين من السنوات الماضية.
مشيراً إلى أن هناك تراكمات لعدد من السنين وأن هناك من المكلفين من يتهرب من الضرائب، ويقول: هناك ضعف في الإحصاءات وعدم دقة البيانات سنعمل على تصحيحها وبناء قاعدة بيانات تخدم المكلفين والمصلحة وربطها شبكياً بداية في المصلحة مع فروعها ثم مع بقية الجهات ذات العلاقة وبما يسهم في تدفق المعلومات وينعكس إيجاباً لصالح المكلفين والمصلحة.
وأكد الدكتور الشامي أن المصلحة ستتبنى في علميات الفحص والمراجعة ما تتبناه الشركات المحاسبية الدولية بكل مهنية واحتراف مع السعي إلى تعزيز مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص بكل شفافية وصدق من خلال الإجراءات والخطط والاستراتيجيات التي تم التوجيه بها وتصفية التراكمات ولجان الطعن والتسوية والقضايا التي في المحاكم.
انخفاض
الخبير الاقتصادي أحمد حجر وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة تطرق إلى العراقيل والتحديات التي تواجه الضرائب والمالية العامة والاقتصاد عموماً فقال : المالية العامة هي المحصلة النهائية لأداء الاقتصاد فإذا كانت مواردنا هي القطاعات الإنتاجية هذا يعني أنني عندما افرض ضرائب أرباح والقطاع الاقتصادي متسع ومتنوع وفي حالة رواج اقتصادي هذا يعني وجود موارد اقتصادية كبيرة جداً لكن عندما يضرب النشاط الاقتصادي وتخرج مؤسسات سواء بسبب القصف والتدمير أو عدم وجود مستلزمات الإنتاج الناجم عن الحصار وارتفاع الأسعار بسبب ذلك بالتالي لا يمكن تشغيل المصانع في ظل تكاليف مرتفعة ودخل قليل نتيجة لقلة الطلب على السلع وبالتالي لدى أكثر من 42% من الإنتاج خرجت من الطاقة الإيرادية المتاحة كون المصانع التي كانت تدفع ضرائب توقفت بسبب استهدافها وبعض المصانع المنتجة أصبحت تنتج بنصف طاقاتها الإنتاجية الأمر الذي يعني أن الوعاء الإيرادي من الدخل أنخفض 50% ومنتج خرج من السوق نهائياً وهناك جزء من المؤسسات الخاصة تقدم الآن إقراراً ضريبياً بأنها خسرت وليست قادرة على دفع الضرائب.
تكاملية
ويضيف حجر بالقول: إن ضرب الاقتصاد القومي يعني تضييق الوعاء الإيرادي المتاح بدرجة كبيرة والجهات التي لا يزال لديها نشاط وأرباح أصبحت محدودة جداً ومن الواضح أن الإيرادات المتوفرة لدى المالية العامة لا تمثل سوى 20% من المتاح مؤكداً أن السياسات المالية يجب أن تكون تكاملية بالشراكة مع جميع الجهات المعنية بصنع ورسم القرار الاقتصادي ولا بد من وضع رؤية تستطيع من خلالها إنعاش الاقتصاد بموارد اقتصاد وطاقات إنتاج حقيقية وتنسيق كامل وتفاهم وشراكة مع القطاع الخاص وحتى يتم تحقيق الأهداف بما يؤدي إلى تحسين الإيرادات وبكفاءة عالية.
تراجع
.. وتؤكد التقارير المالية الرسمية أنه بسبب الحرب الاقتصادية التي تشنها قوى العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا فقد تراجعت الإيرادات العامة بحوالي 60.6% عام 2016م مقارنة بعام 2014م متأثرة بتعطيل العدوان ومرتزقته الإيرادات النفطية التي كانت بمثابة الشريان الرئيسي للموازنة العامة بالإضافة إلى تعليق دعم المانحين , وانخفاض الإيرادات الضريبية بفعل الأضرار التي تعرض لها الاقتصاد الوطني وتحت ضغط انهيار الإيرادات انكمشت النفقات العامة بحوالي 36% عام2016م مقارنة بعام 2014م .
انخفاض
كما شهدت الإيرادات العامة تراجعاً حاداً وغير مسبوق واقتصرت النفقات بدرجة رئيسية على الإيرادات الضريبية وفائض أرباح المؤسسات العامة ومع ذلك فقد تأثرت الضرائب بفعل تعطل ضرائب الدخل على مرتبات موظفي الدولة ولذلك فإنه يعول على دعم المانحين لتمويل جهود الإغاثة الإنسانية وبرنامج التعافي وإعادة الإعمار على المدى الآني والقصير والمتوسط، وبحسب التقارير فقد انخفضت النفقات العامة إلى أدنى مستوياتها عام2017م بسبب العدوان ولم تف بالحد الأدنى من المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك توقف دفع مرتبات 1.25مليون موظف في مؤسسات الدولة يعيلون آلاف الأسر وملايين الأطفال والنساء.
علاقة
ووفقاً للتقارير الرسمية الصادرة عن مصلحة الضرائب فإن الإقرار يعد أحد الإجراءات الدائمة في علاقات المكلفين بمصلحة الضرائب ،كما يعد أداة أساسية لتحديد قيمة المبالغ والبنود والأوعية الخاضعة للضريبة وتتخذه الإدارة الضريبية أداة من أدوات تعزيز وقياس مدى الالتزام الطوعي وفقاً لأحكام القانون من جهة ،ومن جهة أخرى فإنه يتم على ضوئه تقييم المخاطر واختيار المكلفين الذي ستشملهم برامج التدقيق والمراجعة المكتبية والميدانية.
حقوق
وبحسب تقرير إقرار الدخل السنوي لمكلفي المنشآت الصغيرة وفقاً لقانون ضرائب الدخل رقم (16)لسنة 2010م ولائحته التنفيذية لدى “الثورة” نسخة منه وحرصاً من المصلحة على تيسير عملية تقديم الإقرارات في المواعيد القانونية بصورة صحيحة وسليمة فالمصلحة تكفل للمكلف التمتع بكافة الحقوق والمميزات التي كفلها القانون والتي منها الحصول على خصم تعجيل الدفع في حالة تقديم الإقرارات في وقت مبكر وسداد الضريبة قبل الموعد المحدد حيث يحصل المكلف على خصم 1.5% في حالة تقديم الإقرار وسداد الضريبة في شهر يناير و1% إذا تم السداد في شهر فبراير و0.5%فقط خلال شهر مارس بالإضافة إلى الحصول على ميزة قبول الإقرار على مسؤولية المكلف وفقاً لنظام الربط الذاتي وحق تصحيح الخطأ المادي في الإقرار خلال سنتين من تاريخ تقديمه ما لم فالمصلحة قد سبقت المكلف في اكتشاف الخطأ .
..وكما أن هناك مميزات لتقديم الإقرارات في المواعيد القانونية فإن هناك مساوئ للتأخير تتمثل حسب التقرير في عدم الاستفادة من خصم التعجيل في تقديم الإقرار إضافة إلى أنه لا تنطبق أحكام الربط الذاتي على الإقرارات المقدمة بعد المواعيد القانونية واعتبار المكلف متهرباً وتطبق عليه عقوبات التهرب الضريبي إذا لم يلتزم بتقديم إقراره لمدة سنة بعد مضي الموعد القانوني واحتساب غرامات تأخير الإقرار بواقع 2%عن كل شهر تأخير وكذلك ربط مبالغ إضافية بواقع 1.5% من مقدار الضريبة غير المدفوعة عن كل شهر تأخير مقابل المبالغ غير المدفوعة وربط الضريبة بصورة تقديرية ويقع على المكلف واجب الإثبات .
..وعن علاقة الاقتصاد والانفاق العام بالضرائب يقول أحمد الجمال المتخصص والباحث بوزارة المالية: عندما نتحدث عن الضرائب فإننا نقصد الضريبة بشقيها المباشرة وغير المباشرة الملزمة على الأفراد والمؤسسات الذين يحصلون على حد أدنى من الدخل خلال السنة وتقطع من جميع أصناف وأنواع الدخل سواء الأجور المؤداة عن العمل بما في ذلك المكافآت والحوافز والتعويضات والأرباح المهنية الناتجة عن ممارسة نشاط خدمي ،تجاري ،زراعي، حيواني ،سمكي، صناعي …،وعوائد العقارات أكان عن إيجار العقارات (أراض، مبان، محلات تجارية..) أو بيعه أو إيداع أموال لدى مؤسسات مصرفية وبنكية والأوراق المالية والسندات واستثمارها .
وعن وجود علاقة ما بين نطاق ومعدلات ومستويات الضرائب وحجم الانفاق العام ووضع الاقتصاد عموماً أوضح الجمال قائلا: بالتأكيد العوامل تتفاعل وتتشابك فيما بينها وتؤثر سلبا وإيجاباً وهي من الأمور المحسومة في قواعد المالية العامة , والانفاق العام مرتبط بالأصول الحقيقية المتوفرة ومن أهمها رأس المال البشري إضافة إلى كفاءة وقدرات إدارة جميع الأنشطة الاقتصادية لتستقر السياسات القادرة على تنمية الموارد العامة وحتى لا تغيب مثل هذه الاعتبارات كونها ضرورية لمواءمة الوضع المالي, ومن حيث حجم القطاع العام نجده يتكون من جميع موظفي أجهزة الدولة واختيار كيفية تمويل هذا القطاع ومن أي الموارد تتم تغطية الأجور والنفقات التشغيلية استناداً إلى أسس وقواعد مالية الحكومة وبأي حجم يتم ذلك الانفاق وهنا لابد من توفر الموارد الكافية للإنفاق العام وفيما إذا كان تراجعه يؤثر على قطاعات الأنشطة الاقتصادية الحكومية وغير الحكومية بمعنى هل يؤدي إلى ارتفاع مستوى تداعيات “الاكتئاب الاقتصادي ” وهو في الأصل ظاهرة قصيرة الأجل تتميز بانخفاض الناتج الاجمالي المحلي وبالذات انخفاض النشاط الاقتصادي والذي تعود أسبابه غالباً إلى الظروف الاستثنائية التي يتعرض لها الاقتصاد , وفي أوقات الازمات والحروب يصبح الاقتصاد الذي يعتمد على الضرائب بشكل أكبر كحجر زاوية لموارده ووسيلة لتوجيه الاقتصاد وتحسين مؤشراته دون ارتجال وبانضباط حتى لا يرتد بنتائج سلبية وبطرق مختصرة من خلال زيادة كفاءة الاجراءات الإدارية والسياسات الضريبية المستندة إلى أساليب متوازنة ومتدرجة لينعكس في تصويب فجوة المالية العامة .
اقتناص
ويضيف الجمال بالقول : عندما تطرح مسألة السياسة والإدارة الضريبية والانفاق العام والاقتصاد المرتبط بالحقائق فالمقصود هو تجنب المخاطر واقتناص العرض واتخاذ الاجراءات المرتبطة بالتنفيذ بمرونة لتحقيق نتائج من مخرجات ذلك التناغم شريطة مراعاة ظروف هذه المرحلة وهي حالة الحرب ومن المهم التنبه لأبسط وأدق التفاصيل وعدم إغفال أي معلومة ولو صغيرة بالاستقرار التام ومراقبتها ترتيبا فلا يسبق بعضها البعض الآخر كتدني دخول افراد المجتمع ومؤشرات البطالة والتضخم والانكماش وضعف سوق العمل وتصاعد أسعار السلع والبضائع والمشتقات النفطية والأدوية والخدمات وتذبذب سوق الصرف وتراجع الاستثمار الحكومي والمحلي والخارجي وخفوت الادخار وضعف الانفاق وغيرها، وهي من الأساليب العقلانية باعتبار هدف المالية العامة المطلق عقلانياً يسعى لتحقيق مصلحة عامة ويعني ذلك أن العلاقة بين الاقتصاد وحجم الانفاق العام والضرائب مسألة حتمية الأمر الذي يستدعي إعادة ترتيب الأوراق من حين لآخر بحيث تضبط العلاقة ولو بالتدرج لتحقيق نتائج بناءة .
للشكاوى المشورة
وأخيرا وتأكيداً من قيادة مصلحة الضرائب على المضي في العمل الجاد الذي يؤدي إلى تحسين الإدارة والأداء الضريبي فبالامكان التواصل المباشر بمكتب رئيس المصلحة لتلقي شكاوى المكلفين وملاحظاتهم على الفاكس رقم 262618/01 كما أن الإدارة العامة لخدمات المكلفين على استعداد تام لتقديم المشورة والمساعدة لجمهور المكلفين وتوضيح كافة الجوانب المرتبطة بتنفيذ التشريعات الضريبية ولطرح الاستفسارات أو طلب الإيضاحات يمكن الاتصال على هاتف رقم 503831/01 ، موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريبا بلا شك يلوح في الأفق .

قد يعجبك ايضا