السَمْح بن مالك الخَوْلاني.. أمير الأندلس وفاتح جنوب فرنسا

 

عرض/ هاشم السريحي

مِنْ أعلام الأمة الأفذاذ وعظماء الأمراء والفاتحين هو السمح بن مالك الخولاني أمير الأندلس في خلافة عمر بن عبدالعزيز وفاتح جنوب فرنسا. قال عنه المؤرخ الفرنسي جوزيف رينو: “كان السمح بن مالك مُدبراً حكيماً، وقائداً باسلاً، وسائساً حازماً، ذا دراية بتسيير الأمور..”.
ولكن شهادة جوزيف رينو بالرغم من أهميتها، فإنها لا تُقاس بما يُفاجأ به من يزور مدينة أربونة Narbonne في جنوب فرنسا، فالدليل السياحي لمدينة أربونة يتحدث عن السمح بن مالك الخولاني، ثم تزداد المفاجأة بمعرفة وجود شارع هام في مدينة أربونة يحمل اسم السمح وهو Rue de Zama بينما يكاد العرب والمسلمون لا يعرفون عن ذلك الأمير والفاتح العظيم شيئاً يذكر، بل إن المناهج الدراسية في وطنه العربي الكبير وفي اليمن مهد آبائه وأجداده ليس فيها أي ذكر للسمح بن مالك، ناهيك عن أن تحمل اسمه الشوارع والطرق الرئيسية.
ونبدأ الطريق إلى السمح بن مالك الخولاني من مدينة صعدة في اليمن، فالسمح بن مالك من بني حيّ بن خولان، وهم أحد بطون خولان السبعة التي تسكن صعدة ونواحيها. وقد هاجر جزء منهم إلى مصر قبيل الإسلام، وبقي جزء منهم في صعدة، فلما جاء الإسلام دخلوا مع سائر خولان في دين الله أفواجا، ثم انطلقوا إلى مصر في الفتح العربي الإسلامي فاستقروا بمصر مع من كان بها من بني حيّ بن خولان.
لقد كان السمح بن مالك الخولاني من رجالات خولان البارزين في مصر أيام ولاية عبدالعزيز بن مروان لمصر (65-85هـ) وخلافة الوليد بن عبدالملك (86-96هـ) وفي عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز تولى السمح بن مالك الأندلس في مطلع سنة 100هـ.
وكان السمح بن مالك على معرفة بأمور الأندلس منذ فتحها ودخلها موسى بن نصير في خلافة الوليد بن عبدالملك إلى حالة الضعف والاضطراب في فترة الحرث بن عبدالرحمن الغافقي والتي أدت إلى قلق الخليفة عمر بن عبدالعزيز على مصير المسلمين بالأندلس، فاختار وولى السمح بن مالك وأمره بأن يكتب إليه تفاصيل الأحوال والمخاطر الموجودة على بقاء المسلمين في تلك البلاد البعيدة والمعادية، ليتخذ على ضوء ذلك قراراً بعودة المسلمين من بلاد الأندلس إلى المغرب، أو ببقائهم في الأندلس. ولكن السمح انتهج سياسة أدت إلى ترسيخ العصر العربي الإسلامي في الأندلس.
وفي حوالي 101هـ انطلق الأمير السمح بن مالك لفتح أربونة أحصن مدينة في جنوب فرنسا وأعطى أهلها الأمان، ووضع فيها قوة إسلامية كبيرة، وافتتح أيضاً منطقتي (لانغدوق) ودوقية (اكيتانيه) في جنوب فرنسا واستشهد في تلك المعارك سنة 102هـ مقبلاً غير مدبر، عليه رحمة الله ورضوانه.

*من كتاب “يمانيون في موكب الرسول”
للباحث محمد حسين الفرح

jshashem@gmail.com

قد يعجبك ايضا