لا وجود لمسلم سني وآخر غير سني

 

عباس الديلمي
تعود البداية إلى عهد أول ملكية وراثية في الإسلام، عندما لجأ أول ملوك بني أمية معاوية بن أبي سفيان إلى إشاعة وصف أتباعه ومؤيديه بأهل السنة – ثم أضاف لهم – أو الجماعة مقابل من اتبعوا الإمام علي (ك) وخرجوا معه وتشيعوا فيه وبنهجه وعرفوا أو أسموهم بالشيعة.
وإذا ما كان معاوية ومن خلفه من ملوك مملكته وأولياء عهودهم – قد عملوا على تسخير ذلك التقسيم لما هو سياسي.. فإن الأمر قد أخذ في التلاشي منذ عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز ( ) إلى أن صار تقسيماً لا يفرق بل يصنف.
وظل الأمر هكذا حتى سبعينيات القرن الماضي إذ رأت سياسات بعض دول الغرب وخاصة المعروفة بوجهين استعمارياً وتوسعياً – قديم وحديث – أن تقحم المسلمين في صراع واقتتال تمزيق وتفرقة وتدمير، وقال هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي (اليهودي) مقولته الآتية من مخطط محكم، عندما تحدث عن العرب والمسلمين وقال: سنصنع لهم الإسلام الذي ينشغلون به، وهو بذلك لا يقصد إلاّ الإسلام الذي يقتتل المسلمون تحت رايته.. وهذا ما أخذ يتشكل مع الوقت، إلى أن ظهر في أقصى حدته عبر سياسة بعض دول الخليج.. وإعلامها المدعوم بوسائل إعلامية غربية وخاصة البريطانية والأمريكية، وبعض علماء وكتاب السلطة.. فصرنا نسمع عن المسلمين السنة والمسلمين الشيعة، والعرب السنة والعرب الشيعة، حتى الأكراد صرنا نسمع من يصنفهم إلى سنة وشيعة، ويقرن ذلك بالصراع السياسي الدائر في المنطقة، وصارت المملكة السعودية لاتجد ما تتزعم به المسلمين والعرب غير تقسيمهم إلى سنة وشيعة لتخدم المخطط الذي دمر بلداناً عربية يخشاها الصهاينة والمستعمرون كما هو جلي للعيان.. مستغفلين أن من يريد الزعامة عليه أن يوحد لا أن يفرق.
نترك هذا للتاريخ، وتعالوا لنقف أمام ما أريد الإشارة إليه – وليكن رأيا قابلا للحوار البناء – وهو :- لا يوجد مسلم سني وآخر غير سني، هناك شيعة نعم، ولكنها صفة لا تختلف عن وصف ما في الإسلام من فرق ومذاهب وتيارات دينية، وجميعها من السنة أو تعمل بالسنة النبوية، والدليل على ذلك باختصار شديد.
في الإسلام هناك وحي رباني قرآني، وضع أسس صلة العبد بربه، والإنسان بالإنسان – أو تعامل الإنسان مع أخيه – ووضع الأحكام والتشريعات، كأن أمر بالتوحيد والصلاة والصيام والزكاة والحج الخ، وجاءت السنة النبوية لتوضح للناس كيف يصلون وماهي الطهارة وما نواقض الوضوء، وكذلك مع بقية الأركان وما أشكل على الناس الإلمام به..
وباختصار – إن جاز التعبير أو التشبيه – هناك مثلاً قانون وهناك مذكرة تفسيرية توضح خصوصيات وجزئيات القانون، وإذا ما كانت السنة هي تفسير ما هو عام في القرآن فلا يوجد مسلم يصوم أو يصلي أو يحج .. خلافاً لما جاء في القرآن والسنة.. وعليه فكل مسلم هو سني ولا يوجد مسلم سني وآخر غير سني.
تبقى القضية الأهم وهي أن من يجعلون الشيعة مقابل السنة، قد غاب عنهم أو تعمدوا تجاهل أن الشيعة الذين ينسبون إلى التشيع في الإمام علي، هم من يأخذون من الإمام علي تمسكه بالسنة فهو من عدلوا عن بيعته عندما طلب منه أن يقرن شيئا آخر إلى جانب كتاب الله وسنة نبيه فأبى إلا أن يتمسك بكتاب الله وسنة نبيه فقط، وأن يجتهد رأيه في ما يراه من الشؤون الدنيوية الطارئة.
هكذا تمسك الإمام علي بالكتاب والسنة مفضلا ذلك على البيعة وأحقيته في الخلافة ..وكذلك حفيده الإمام زيد بن علي رضي الله عنهما عندما خرج على انحرافات الملك الأموي هشام بن عبدالملك فقد قال لاتباعته وشيعته “إني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ،وإحياء السنن وإماتة البدع..”الخ
هذه هي السنة عند الإمام على وذريته من آل البيت ،فكيف يقسمون المسلمين إلى سنة وشيعة ،متناسين أن جذور التشيع نبتت في تربة تمسك الأمام علي بالكتاب والسنة وكذلك من صار على نهجه من ذريته ،فكيف قلبت الآية وصار شيعة الإمام المتمسك بالسنة يصنفون بغير السنة ..؟!!إنها السياسة منذ وقت مبكر .
هل وضح الهدف من ذلك التقسيم أنه سياسي النشأة وحتى يومنا ؟..الخلاصة
أن هناك إسلاما فقط أو مسلمين فقط لا يميز بينهم وجود فرق ومذاهب فكرية ودينية كالحنيفة والشافعية والزيدية والمعتزلة.. الخ.

قد يعجبك ايضا