دور الجهاز المركزي الرقابي على المساعدات والإغاثة

عبدالرحمن علي الزبيب
تنتشر وباستمرار أخبار ومعلومات عن وجود فساد واختلالات في ملف المساعدات والإغاثة الإنسانية .
ويرجع المتابعون أسباب ذلك إلى غياب الشفافية والرقابة والمحاسبة في هذا الملف الحساس والهام والذي يعتبر من ضمن أسباب تدهور الوضع الإنساني .
وبالرغم من انتشار تلك الاخبار والمعلومات وخطورتها في انخفاض حجم المبالغ المقدمة من الجهات المانحة والمخصصة للإغاثة والمساعدات الإنسانية بمبرر عدم الشفافية وشبهات وقوعها في مستنقع الفساد لكن للأسف الشديد ان الجميع يتنصل عن مسؤوليته واختصاصه.
حيث لم نجد أي تصريحات توضح تلك المعلومات أو تشير الى قيام الجهات المختصة بالتحقيق والتحقق من ذلك واتخاذ اجراءات الرقابة والمحاسبة بتعزيز الشفافية الشاملة واتخاذ إجراءات وقائية لمنع تكرار الفساد في ملف المساعدات الإنسانية والإغاثة والذي يؤثر سلبا على جهود الإغاثة والمساعدة ويؤدي إلى إحجام المانحين عن الاستمرار في تقديم المعونات وتوقف الآخرين عن المشاركة في تقديم العون والمساعدة وفقدان الثقة بين أطراف المساعدة الإنسانية والإغاثة من مانحين واجهزة رسمية ومنظمات مجتمع مدني وفئات مستهدفة من العون والمساعدة وبالتالي سيكون فقدان الثقة كابحا ومعيقا للجهود الانسانية .
وبمراجعة المنظومة القانونية الوطنية تبين لنا ان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يختص بالرقابة والمحاسبة على المساعدات والإغاثة الإنسانية حيث نصت المادة (7) من قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الفقرتان ( ط , ي ) على :
( يمارس الجهاز في مجال الرقابة المالية على الجهات المنصوص عليها في المادة (6) من هذا القانون الاختصاصات العامة التالية : –
ط . مراجعة القروض والسلف والمساعدات والتسهيلات الائتمانية التي عقدتها الدولة أو إحدى الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز وفحص الوثائق والمستندات والعقود والاتفاقيات المتعلقة بها والتأكد من قيدها في الدفاتر والسجلات سواء في حالة الاقتراض أو حالة الإقراض وعلى الجهاز التثبت في الحالة الاولى من توريدها للخزائن العامة أو مخازنها والتحقق من فعالية استخدامها في المجالات المحددة لها والتثبت في الحالة الثانية من تحصيل وتوريد أصل القرض وفوائده إلى الخزائن العامة في المواعيد وبالشروط المحددة في العقود والاتفاقيات الخاصة بها .
ي . مراجعة المنح والهبات والتبرعات المقدمة من او الى جهات محلية او خارجية للتأكد من اتفاقها مع القوانين واللوائح والقرارات النافذة ومراعاتها للقواعد المعمول بها والشروط الواردة في العقود والاتفاقية المتعلقة بها .)
بالرغم من النص الواضح على اختصاص ومسؤولية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالرقابة والمحاسبة على جميع برامج ومشاريع المساعدات الإنسانية والإغاثة إلا أن الواقع مازال ضبابيا ولا نعرف هل الجهاز يقوم بدوره القانوني في هذا الموضوع ام لا ؟؟
إن كان يقوم بدوره فما الذي عمله ؟؟
واذا لم يقم بدوره فلماذا وماهي الأسباب ؟
الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يعتبر أرفع الأجهزة الرقابية ويمتلك كوادر وصلاحيات قانونية واسعة وفروعا في جميع المحافظات لو تم تفعيلها لتجاوز الوطن الكثير من المعيقات .
في أحد النقاشات الجانبية مع أحد الاصدقاء المهتمين بموضوع المساعدات والإغاثة الإنسانية والبرامج والمشاريع الممولة من منظمات وجهات مانحه دولية وجهت له سؤالاً: هل هذه الجهات المانحة والمنظمات الدولية لديها إدارات وأجهزة رقابة ومراجعة ؟؟
أجاب وأوضح بأن لديها إدارات رقابة ومراجعة داخلية عملاقة وقوية ولا يكتفى فقط بالرقابة والمراجعة الداخلية بل أيضاً تم التعاقد مع شركات عالمية لتقوم بالرقابة ومراجعة جميع إجراءاتها ويتم رفع تقارير تفصيلية بجميع التجاوزات والاختلالات والفساد إلى إدارة المنظمة أو الجهة المانحة والمفترض أن تتم إحالة أي وقائع اختلالات أو فساد الى المحاسبة والمساءلة ولكن ؟
يفيد صديقي بأن جميع التقارير عن اختلالات المساعدات الإنسانية والإغاثة تتوقف وتتجمد في الأدراج وتتكرر باستمرار بمبررات متعددة اهمها عدم وجود شركاء آخرين وعدم ووجود آليات وبدائل.
وأردف قائلاً بمزاح: مثلها مثل تقارير الأجهزة الرقابية الرسمية .
انا تساءلت لماذا لم يقم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بدوره القانوني في الرقابة والمحاسبة في هذا الموضوع ؟
او على الاقل المطالبة بنسخة من هذه التقارير واتخاذ الاجراءات القانونية بصددها بلا تمييز ولا استثناء وبسرعة وفعالية .
لو تحقق ذلك وقام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بدوره القانوني على جميع عمليات المساعدات والإغاثة الإنسانية لتعالجت كثير من الاختلالات وتوقف الفساد الذي ينخر ملف المساعدات الإنسانية والإغاثة باستمرار.
واجب الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لا يتوقف فقط عند الرقابة والمحاسبة اللاحقة بل أيضاً له صلاحيات الرقابة المصاحبة خلال فترة تنفيذ المشاريع ويمتد اختصاصه إلى ما قبل تنفيذها بفحص العقود والمشاريع قبل تنفيذها واتخاذ اجراءات رقابية وقائية توقف أي خلل قبل حصوله وتخنق أي فساد قبل حدوثه
ولا ينحصر دوره في الرقابة والمحاسبة على الاختلالات المالية المحاسبية والادارية الفنية بل ايضاً يمتد للرقابة والمحاسبة على الكفاءة والفاعلية والجودة .
لو تحقق ذلك وقام الجهاز بدوره وواجبه القانوني في ملف المساعدات والاغاثة الانسانية ليتحقق من إجمالي المبالغ المالية المخصصة للمساعدة والإغاثة ومجالاتها وأولويات المشاريع والبرامج وفقاً لأولويات الاحتياج الوطنية ؟
وهل تم صرفها فعلاً لما خصص لها ؟؟
أم انحرفت الى مصارف أخرى!!
وكم هي المبالغ الإجمالية وتقسيمها وكم نسبة نفقات التشغيل منها والمصاريف والنثريات ؟؟
وهل هي في حدود المعقول أم أن هناك تجاوزات فيها ؟؟
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية قيام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بدوره القانوني في جميع فروعه للرقابة والمحاسبة السابقة والمصاحبة واللاحقة على جميع الأنشطة وبرامج ومشاريع المساعدات والإغاثة الإنسانية لمعالجة أي خلل وتصحيح أي انحراف لأهمية وخطورة هذا الملف وبما يؤدي الى تحفيز الجهات المانحة لرفع مدفوعاتها المالية لاطمئنانها بأنها بين أيدٍ أمينة كما سيكون لهذا الدور الهام آثار إيجابية لتحسين الوضع الانساني بتفعيل المساعدات والإغاثة الإنسانية وايصالها إلى مستحقيها وتحقيق أهدافها، إذُ يعتبر الخلل والفساد أهم معيقات وصول الاغاثة والمساعدة لمستحقيها وجرفها الى مسارات أخرى بعيده عن مستحقيها واهدافها واي عملية رقابة وتصحيح لها آثار إيجابية ويقع أهم تلك الاختصاصات الرقابية والمسؤوليات على عاتق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة

قد يعجبك ايضا