الوعي المجتمعي بخطورة الحرب الناعمة

 

أحمد حسين شرف الدين

* الحرب الناعمة مصطلح يطلق على مجموعة من الأساليب الفكرية التي تعتمدها القوى الاستعمارية وتستخدمها لمهاجمة الشعوب والأمم المستضعفة المراد السيطرة عليها ونهب ثرواتها عن طريق استهداف النسيج الاجتماعي للأمة بهدف خلخلته وتدمير هويته وتهيئته للقبول بالتبعية لهم وتنفيذ مشاريعهم الخبيثة بدون أي كلفة مادية أو بشرية ، في حالة الحرب المباشرة العسكرية.
وتقوم الحرب الناعمة على عدة مرتكزات أساسية أهمها:
1 – الإعلام: والذي يؤثر كثيراً في تشكيل الرأي العام للمجتمع وتغيير قناعاته وتزييف الحقائق وقلبها بغرض خلق أرضية اجتماعية وحاضنة مناسبة للمستعمر وبأيد محلية، لذلك تقوم هذه القوى بالسعي للسيطرة على وسائل الإعلام المختلفة داخل الدول المستهدفة واستقطاب الإعلاميين بل وصناعتهم بمختلف الوسائل ودعم الوسائل التي تساير أفكارهم وأهدافهم مستغلين عدة عوامل أهمها العامل الاقتصادي واستغلال الحاجة لدى البعض.
2 – المرتكز الثقافي: والذي يشكل العمق الحضاري للمجتمع ويتم استهدافه عبر نشر الكثير من الثقافات المنافية لهوية المجتمع الثقافية عن طريق تشويه كل ما يمتلكه المجتمع من موروث ثقافي وتصويره على أنه تخلف وهمجية وغير حضاري ووو وغير ذلك عن الأمور التي نشهدها في واقعنا اليوم ويتم ذلك عن طريق إغراق البلدان بالمطبوعات والكتب والأفلام والمسلسلات وعبر المصطلحات البراقة التي يطلقونها بخصوص تحرير المرأة والحقوق والحريات ذات المغزى المناهض للثقافة الإسلامية والعربية المتجذرة في المجتمع والتركيز عليها دون غيرها، كذلك إغراق البلدان بالوسائل المساعدة على التفسخ والانحلال الأخلاقي لدى الشباب والشابات عبر الوسائل المتاحة وأهمها النت كالأفلام الجنسية وتسهيل وصولها إلى الجميع بغرض الإثارة والانحراف.
3 – نشر المخدرات والتي تعاني منها معظم الدول المستهدفة بهدف إغراق المجتمع بهذا الوباء القاتل وحصر تفكيره حول هذه الآفة ومسح كل القضايا التي تهم المجتمع والبلد.
4 – الاقتصاد: والذي تحرص فيه دول الاستعمار على محاصرة الدول واستهداف اقتصاد كل الدول المستهدفة وجعلها مجرد سوق مستهلكة لمنتجاتهم ومحاربة كل توجه نحو الاكتفاء الذاتي لأي دولة وجعلها دولاً محتاجة فقيرة ليسهل تنفيذ مخططات هذه القوى ومشاريعها الاستعمارية.
هذه أهم المرتكزات التي تقوم عليها الحرب الناعمة التي تشنها قوى الاستكبار العالمي ضد أمتنا وهنا لا بد أن نتساءل ما الذي علينا فعله لحماية أجيالنا من هذه الحرب والتصدي لخطرها ؟
من خلال ما تم استعراضه لأهم المرتكزات التي تقوم عليها الحرب الناعمة والأدوات الخطيرة التي تستخدمها هذه القوى التي تشن علينا هذه الحرب فإنه ينبغي بل ويتحتم علينا التصدي والمقاومة لهذه الحرب والعمل على تحصين الأمة وبالاخص الأجيال ضدها.
وهذا يتطلب منا جمعياً وقفة جادة واستثنائية لكل المعنيين وحشداً لكل الطاقات والإمكانيات التي نملكها لمواجهة هذه الحرب الأخطر علينا وبشكل منهجي علمي مدروس مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة في نجاح الأعداء في تحقيق أهدافهم من خلال الحرب الناعمة والمعالجات اللازمة التي يجب اتخاذها لإفشال هذه الحرب والتصدي لها، وفي تقديري أن هذا الأمر غاية في الأهمية، وهو قضية محورية تهم الفعاليات المجتمعية والمطلوب إسهام الجميع بما لديهم من برامج ثقافية وفكرية لمواجهة هذه الهجمة الشرسة ورفد مؤسسات الدولة بهذه الرؤى المستقبلية.

قد يعجبك ايضا