إحياء المولد النبوي الشريف

علماء ودعاة لـ”الثورة”:

تعزيز للوحدة الإسلامية والمجتمعية ونبذ لثقافة الكراهية
استطلاع / أسماء البزاز
اتفق ودعاة ومرشدين على أهمية إحياء المولد النبوي على مختلف المجالات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية وغرس القيم والمبادئ النبوية في نفوس الأجيال وبكونها المخرج الرئيس لليمن من أزماته المحدقة عليه من قبل العدوان .. تفاصيل عدة في سياق الاستطلاع الآتي نتابع:
مناسبة جليلة ومحطة تاريخية من حياة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، إنها مناسبة ميلاد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ولهذا وجب على المسلمين تقدير وتعظيم هذا اليوم في حياتهم حيث أخرجهم الله من الظلمات إلى النور وتغيرت حياتهم من الجهل والكفر والطغيان إلى المعرفة والإيمان والعدل والبناء والتقدم.
هكذا استهل العلامة محمد علي راجح حديثه عن المولد النبوي.
وأضاف راجح :إن هذه المناسبة العظيمة تجدد في إحيائها معنى الإيمان وصدق الإخلاص وأصالة الأخوة الإسلامية والابتعاد عن النزعات المناطقية والطائفية. مناسبة عظيمة تُسر بها القلوب وتدمع لها العيون كلما ذُكر هذا النبي الكريم. وفي سبيلها ستُقام الاحتفالات في المساجد والمدارس ومؤسسات الدولة ويتحدث الخطباء عن أخلاقه وصفاته صلى الله عليه وآله وسلم ويعددون بعضاً من أعماله ويرددون قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
مؤكدا أهمية وضرورة أن نغرس حب هذا النبي في قلوب الصغار والكبار فهو الأسوة الحسنة والقدوة، من سار على نهجه سلم ومن ترك نهجه لم يزد إلا بعداً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأن التزامنا بقيمه وتعاليمه سنخرج من جور العدوان إلى عدالة الانتصار.
رسالة الرحمة
من جهته، استهل فضيلة العلامة عبد القادر حميد الدين حديثه بقوله تعالى : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}
وأضاف قائلا : هذه هي رسالة الرحمة المهداة للعالمين والتي ما أحوجنا إليها اليوم في زمن قست القلوب فهي كالحجارة أو أشد وصار المسلم يقتل أخاه المسلم من أجل مال أو جاه زائل وفي سبيل ذلك تشترى الأنفس والأعراض والأوطان وتباع للأعداء دونما حس إيماني أو رحمة للأبرياء والنساء والأطفال.
ومضى حميد الدين متسائلا : أين دين الرحمة مما يرتكبه اليوم العدوان وحلفاؤه ومرتزقته بحق شعبنا? أين رسالة الرحمة التي لا تؤذي شجرا أو حجرا أو معبداً أو كنيسة فما بالكم بالأطفال والنفس المحرمة? والتي عندالله هدم الكعبة حجرا حجرا أهون من قتل أو سفك دم أمرئ مسلم!
يا ليت العالم يتعلم من هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم جزءاً من أخلاقه وآدابه ورحمته، لو علم العالم بحقيقة نبينا لعلموا أنه منقذ للبشرية، ولو تطبعنا به والتزمنا بقيمه ورسالته لآمن من في الأرض جميعا.
مولد يتجدد
من جانبه، أوضح العلامة فؤاد محمد ناجي أن المولد النبوي الشريف هو حديث عن كل يوم في حياته صلى الله عليه وآله وسلم وعن كل تشريع من تشريعاته وعن مواقفه وأخلاقه وشمائله وسيرته وليس مقتصراً على يوم خروجه صلى الله عليه وآله وسلم من بطن أمه الكريمة، كما أنه حديث عن الإسلام ومعالمه، بل إن الحديث عن المولد النبوي الشريف هو حديث القرآن الكريم الذي ينبغي أن نعرف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خلاله.
وقال : إن القرآن الكريم يقدم الرسول في قوالب عامة شاملة تدل على عظمته حينما يقول عنه الله سبحانه {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } وعندما يقول سبحانه { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} وعندما يقول جل وعلا { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} وعندما يقول سبحانه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} هذه الآيات وأمثالها تشكل مرجعية لأي رواية أو حديث عن رسول الله ، فإنه لا ينبغي أن نخرج عن هذا الإطار الذي كله تعظيم ويُعتبر خطوطاً عريضة لكل ما يمكن أن يُقال عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن الاحتفال بالمولد النبوي معناه أننا نقدر نعمة الله علينا بهدايته لنا برسوله وأننا ممتنون لله على هذه النعمة ونقدرها حق قدرها كما أن معناه أننا نحب الرسول ونتخلق بأخلاقه ونتزود بالمعرفة العملية الصحيحة بالإسلام وقيمه ومثله العليا وروحه وجوهره بدلاً من التمسك بقشوره التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
مبينا :أن الاحتفال بمولد النبي الأكرم بوعي يُعدُّ محطة انطلاق نحو مولد جديد لأمة قوية منتصرة، مستقلة تكتسي هيبتها وتحتل مكانتها العالية بين الأمم كشاهدة على الناس كما أراد الله لها وكما كان أول مولد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم باكورة ميلاد أمة الإسلام فبإمكاننا أن نجعل من هذه المناسبة في هذا الزمن مولداً لأمة مهابة الجانب ذات سيادة واستقرار وحضارة إنسانية. كما أن المولد النبوي الشريف يمثل أهمية بالغة للأمة الإسلامية فهو يعتبر خاصية حضارية لها بين الحضارات والأمم الأخرى التي لها أعياد ومناسبات مستقلة وذات خصوصية، ونحن كأمة إسلامية يمثل الاحتفال بهذا المولد الشريف جزءاً مهماً من مميزات حضارتنا الإسلامية العريقة حتى لا تذوب في معركة صراع الحضارات أو تستسلم أو تفقد مميزاتها واستقلاليتها بل إن الاحتفال الكبير بمناسبة كهذه يعكس صحوة إسلامية ويعني بأن الأمةَ في طريقها نحو استعادة عزها وكرامتها وقيادة ركب العالم كما أراد الله لدينها حينَ قال سبحانه { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}
العودة الصادقة
وأشار فضيلة العلامة إلى أن إحياء المولد النبوي الشريف مدخل للعودة الصادقة ولتحمل المسؤولية في تمثيل الدين أحسن تمثيل ونقطة انطلاق لهذا الدور الكبير الذي قال الله سبحانه عنه (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وحتى نكون واقعيين فكل هذا الأمل ليس على هذه المناسبة فقط ولكنها خطوة وبداية في الطريق الصحيح وفرصة للفت أنظار العالم إلى دوائه من دائه وعلاجه من أمراضه وفرصة لأن نرص صفوفنا كأمة ونوحد جبهتنا الداخلية حتى نقدم دينه بسلوكنا وواقعنا وصورتنا الموحدة خلف قيادة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
الوحدة الإسلامية
واعتبر أن إحياء المولد النبوي هو المناسبة التي يمكن أن تمثل رمزاً للوحدة الإسلامية عندما تقام في كل دولة إسلامية فإنها تدل على القاسم المشترك والرابط الموصل بين كافة الشعوب؛ لأن هناك عيداً وطنياً لكل دولة يختلف زماناً ومكاناً ودلالة من دولة إلى أخرى، أما مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه مناسبة الجميع وإنه يذكر أبناء الأمة وشعوبها عندما تحييه بالرابط والعلاقة القوية بينها وأنها جسد واحد مهما فرقتها الحدود الجغرافية كما أنها تهيج الأشجان إلى الوحدة الإسلامية وتذكر بعضنا مآسي بعض شعوبنا في بعض الدول والشعوب أما إذا لم تحيه الأمة فإن دلالة ذلك أن الأمة بعيدة عن أمل الاتحاد ودليل على حجم الهوة بين شعوب الأمة.
لا خلاف حوله
عضو رابطة علماء اليمن فضيلة العلامة حسين السراجي يقول من ناحيته : يبقى النبي صلوات الله عليه وعلى آله هو القاسم المشترك الذي لا نختلف عليه ولا يمكن السماح بأي خلاف حوله ولم يبق لنا سوى هذا النبي فلا نختلف عليه ولا نجعل من الاحتفال بمولده قصة صراع وتناولات فالمسألة برمتها إن لم تكن واجبة فهي من السنن الحسنة التي دعانا الله سبحانه إليها ((قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )) وأي فضل يفوق فضل وجود محمد ؟! وأي رحمة أعظم من رحمة الله العالمين بمحمد ؟! وبالتالي ما هو المسوِّغ للخلاف حول مناسبة دينية جامعة لعموم المسلمين ؟! ولا داعي لتسويق مبررات المعاداة والمقاطعة كـ الخسائر والنفقات والتكاليف والحديث عن مبالغ المليارات كخسائر..إلخ فذلك هراء ومبالغ فيه ولا أدري أين يضع بعض المتفاعلين عقولهم حين يساهمون في نشر وتسويق هذه التُرَّهات والأكاذيب فالتكاليف قليلة ومعنويتها أكثر وجهودها ذاتية ثم فإن النبي صلوات الله عليه وعلى آله يستحق بهجتنا وإظهار فرحنا وإغاظة عدونا.
فضائل
وأضاف بالقول : في السنوات الأخيرة ربما كانت اليمن من أكثر الدول استعداداً وإظهاراً للبهجة بميلاد سيد الخلق محمد صلوات الله عليه وعلى آله وربما تكون هذا العام صاحبة الرقم 1 في ميلاد رسول الله باستنفار الجهات الرسمية والقطاعات الخاصة والمجالس المحلية والمؤسسات التعليمية منذ النصف الثاني من شهر صفر وبشكل غير مسبوق وتنوع عجيب وفريد ومن عقيم الفهم اعتبار ميلاد النبي مناسبة خاصة بأنصار الله كونهم يحيون المناسبة بطريقة متميزة ومتكاملة فالنبي للجميع وميلاده ميلاد عهد الخير للجميع وحين نتجاوز ما في النفوس سننظر إليها بالمنظور المفترض الخالي من شوائب العصبيات والطائفية وأمراض الباطن.
وختم حديثه قائلا : يأتي ربيع الخير بمولد النور والهدى فيملأ الدنيا ابتهاجاً وسعادة ومع قُرب ميلاد خاتم أنبياء الله ورسله نشعر بالحياة تدب في أوصالنا , عزائمنا قوية وإرادتنا صلبة وإصرارنا على المضي نحو النصر على طواغيت العصر ويأتي الميلاد ليذكرنا بأن النبي صلوات الله عليه وعلى آله مصفوفة سلوك وقيم وأخلاق ومروءات ! المولد يقول لنا بأن النبي الأعظم موجود في البطون الجائعة والبيوت الخاوية , مع المرضى والجرحى والمكلومين والمفجوعين النبي برنامج إحسان وتراحم وتكافل وتعاون.
عدالة المظلومين
مبينا ان النبي عدالة تحق الحق وتقف إلى جانب المظلومين والمستضعفين وسيف على البغاة والفاسدين النبي الأكرم جندي في الساحل والبيضاء ونهم وصعدة وتعز يقاوم الغزاة والعملاء والمرتزقة ويُبطل مكرهم وتآمرهم وكيدهم وبغيهم (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ )).
محبة الرسول
وهنا اتفق العلماء على أن الاحتفال بمولد الرسول دليل على المحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى التقوى كما قال سبحانه { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }.
وان الاحتفال بهذه المناسبة دليل على لين القلب ورقة الفؤاد وخشوع الإنسان وعلى الشوق لرسول الله والاتصال بذكراه والتعلق به صلى الله عليه وآله وسلم. بينما يعكس عدم التفاعل معها الجفاف والخواء الروحي والغلظة والقسوة ومن عرف الفريقين عرف مصداق ما ذكرناه.
ويدل الاحتفال الكبير بالمولد على صحوة إسلامية ففي الوقت الذي تجتمع مئات الآلاف حول ملاعب الكرة أو من أجل زعيم سياسي أو في الوقت الذي نرى فيه المجتمع قد تأثر بالغزو الثقافي في ملبسه وشكله وثقافته فإننا عندما نجتمع بمئات الآلاف من أجل رسول الله وتعظيماً له فإن هذه اللوحة الكبيرة تعكس صحوة إسلامية مبشرة وهذا ما حصل بالفعل، فلقد كان معظم الشباب مغرمين بثقافة الموضة والأفلام والحلاقة الأجنبية فلما أقيمت هذه المناسبات بهذا الشكل حصل تغير ملموس وصحوة كبيرة خصوصاً في أوساط الشباب فإذا هم يحبون الله ورسوله بل كانوا أول من ضحى من أجل الإسلام، المولد النبوي الكريم يظهرنا أمام العالم بأننا أمة ذات حضارة لها جذور ولها سمات وخصوصيات لا يمكن أن تذوب في بوتقة العولمة والتغريب أو أن تتماهى مع مشاريع الغزو الثقافي، بينما عندما نحتفل مع شعوب العالم بعيد المعلم وعيد الأم وعيد العمال وعيد الشجرة وغيرها ولا نحتفل بهذه المناسبة الخاصة بنا فإن ذلك مؤشر على فقدان الارتباط بالأصل الأول ودليل على نجاح مشاريع التغريب في أوساط الأمة. وان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يدل على أن مشروع الوحدة أقوى من مشاريع التمزيق والتفتيت.

قد يعجبك ايضا