مرضى الفشل الكلوي.. الصورة تبدو قاتمة

 

*مرضى يكابدون للبقاء على قيد الحياة وحصار يخنق وجودهم
*أطفال أُصِيْـبوا بالمرض نتيجة تعرُّضهم للخوف بسبب الغارات

الثورة/وديع العبسي
بلغ الحال بمرضى الفشل الكلوي في العام 2018م ذروته المأساوية بعد تزايد رقم الوفيات بينهم نتيجة ضعف تقديم العلاجات اللازمة من غسيل ومواد دوائية تعينهم على البقاء والناجم بدورة عن الانهيار الحاصل في الخدمات الصحية، وقلة حدة الانعدام العلاجات.
حلقات ولّدها الحصار فأسفرت عن مآسٍ إنسانية يعاني منها المواطن اليمني، وصار مرضى الفشل الكلوي محاصرين بشبح الموت مع استمرار مشاكل توفر الخدمة لآلاف المرضى من نفاذ للمحاليل المطلوبة الى متوفر بسيط من الوقود لا يفي أبدا بالحاجة لكل الحالات مرورا بارتفاع أسعار الأدوية وأحيانا انعدامها.

الرأي العام في العالم ، لكنه فشل في إخفاء جريمته التي ارتكبها في اسطنبول التركية ، وتعثر الأمير الهمام بجثة الضحية جمال خاشقجي ليسقط القناع عنه ليكتشف أصدقاؤه واعداؤه صورته الحقيقية كمجرم متوحش يخلو من أي قيم إنسانية أو دينية .
ومنذ الثاني من اكتوبر 2018 م، يوم ارتكاب الجريمة بحق الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول ، والأمير يغرق في دماء ضحيته ومعه تغرق أحلامه وطموحاته في السيطرة على عرش المملكة والهيمنة على المنطقة العربية .
وبالتوازي مع ذلك هناك نداءات استغاثة ومناشدات ترجو من المنظمات الدولية سرعة إنقاذ مرضى يتربص بهم الموت بالدعم اللازم والكافي وما يتوفر كناتج لذلك يبقى في أدنى مستوية تلبية الحاجة.
بداية العام 2018م نظمت منظمتا الصليب الأحمر، وأطباء بلا حدود في صنعاء فعالية بهدف تحشيد الدعم المحلي والدولي لمراكز علاج مرضى الفشل الكلوي في اليمن.
وجاء في بيان صادر عن الفعالية إن هذا النداء يأتي في الوقت الذي يعاني فيه نحو أكثر من خمسة آلاف يمني من مرض الفشل الكلوي.
ودعت الفعالية الجهات المانحة ورجال الأعمال إلى دعم مراكز علاج مرضى الفشل الكلوي التي تعاني من نقص في المواد الطبية وعدم كفاءة الأجهزة بالإضافة إلى قلة الكادر بسبب عدم تسلم الموظفين الصحيين لمرتباتهم منذ نحو عام ونصف.
وأشار البيان إلى أن بعض مراكز علاج مرضى الفشل الكلوي، أغلقت أبوابها نتيجة الوضع الحالي المضطرب في البلاد في حين مازال هناك 18 مركزا تعمل في مختلف أرجاء البلاد وتعاني من قصور كبير.
وقال البيان نتطلع أن يكون هناك صدى للنداء بما ينعكس في تخفيف معاناة مرضى الفشل الكلوي في اليمن خصوصا في ظل الوضع الصحي المتفاقم في البلاد والذي بات على شفا الانهيار.
وأدت الحرب المستمرة في اليمن إلى توقف الخدمات الصحية في 54% من المنشآت الطبية، فيما لجأت عدة مستشفيات عامة إلى خفض أو إغلاق بعض أقسامها بسبب نقص الإمدادات الطبية وعجز سلطات الأطراف المتحاربة عن دفع المرتبات منذ أكثر من عام .
وصلت نسبة الوفيات من بين مرضى الفشل الكلوي إلى 25% نتيجة نقص أو غياب الخدمات الصحية
يحتاج مرضى الفشل الكلوي عادة إلى علاج منتظم للبقاء على قيد الحياة، والذي يتضمن عادة جلستين أسبوعياً. فضلًا عن الأدوية الأساسية الأخرى للحفاظ على نظامهم المناعي.
بالإضافة إلى الوضع الصحي السيئ، وإغلاق مراكز لغسيل الكلى في اليمن ومعاناة المراكز الأخرى بالاستمرار في العمل، يواجه مرضى الفشل الكلوي تحديات أخرى على رأسها الوضع الأمني الذي يجعل رحلة علاجهم من منازلهم إلى مراكز غسيل الكلى رحلة محفوفة بالمخاطر. فضلًا عن تكلفة التنقل التي يصعب على كثيرين تأمينها وخاصة أن بعضهم يسافر مئات الكيلومترات للوصول إلى المراكز الصحية للخضوع لجلسات غسيل الكلى مما يعرضهم أيضًا إلى تعب جسدي وإرهاق. حسيب اللجنة الدولية لصليب الأحمر..
وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن الكسندر فيت خلال مؤتمر صحافي عقد قبل أيام في صنعاء، إنه «منذ بدء الحرب في عام 2015م يتوفى 25% من مرضى غسيل الكلى في اليمن سنوياً. هناك حاجة عاجلة لتوفير الرعاية الصحية للتيقن من أن معدل الوفيات لن يرتفع أكثر بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي، وعددهم 4426 في اليمن. لافتاً إلى أن «نجاة الألاف من المرضى تعتمد على الوصول إلى علاج يتمثل في غسيل الكُلى من دون انقطاع ويُعتمد عليه وآمن”.
ويؤكد رئيس بعثة «أطباء بلا حدود» في اليمن جون بيسيلينك، أن «معظم المرضى المصابين بالفشل الكلويّ لا يملكون القدرة الجسدية أو المالية للتنقّل من أجل الحصول على العلاج، وحتى إذا تمكّنوا من الوصول إلى مركزٍ يوفّر الخدمة، فإنّه من المحتمل أن لا يقدروا على تحمُّل نفقات العلاج»، ويضيف أنّ «عدداً كبيراً من المرضى المصابين بالفشل الكلويّ هم موظّفون حكوميون لم يتقاضوا أجورهم منذ 18 شهراً، فتتضاءل فرص تلقّيهم هذه الرعاية الطبية المنقذة للحياة».
ويتابع يسيلينك «تُصارع المستشفيات لمتابعة عملها، بينما تتعرّض بعضها للغارات الجوية أو القصف المدفعيّ، ما يضطرّها إلى إغلاق أبوابها، ومن بينها مرافق منظّمة أطباء بلا حدود. إنّ الاحتياجات الطبية ضخمة والوضع مزرٍ.”
وتتهالك
أجهزةُ الغسيل الكلوي يوماً بعد يوم، وأعدادٌ كبيرةٌ منها لم تعد صالحةً للاستخدام ولم يستطع الفنيون إصلاحها؛ بسبب عدم توفّر قطع غيارها التي يصعب استيرادَ التالف منها وتركيبها للأجهزة بسبب الحصار الذي فرضه العُـدْوَانُ على اليمن.
وبسبب اغلاق عدد من المراكز القليلة المتوفر يضطر الكثير من المرضى السفر الى المراكز العاملة ويزداد الضغط منها اكثر على وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة العام بصنعاء، ونتيجة الزحام الشديد لم يعد يحصُل المريض على الجلسات الكافية للغسيل، قبل العُـدْوَان كان يحصلُ على 12 ساعة أسبوعياً، أمَّا بعدَ العُـدْوَان لم يعد متاح له إلّا على 6 ساعات فقط وبعد شقّ الأنفس.
يقول الدكتور مجاهد البطاحي رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى بمستشفَى الثورة العام بصنعاء: نقوم بنصف عدد ساعات الغسيل المفروضة 12ساعة، اي 6 ساعات فقط لنستطيع تغطية الحالات وإنقاذ أَرْوَاح آلاف المرضى، فالحصار كارثة إنْسَانية يجب اتخاذ كُلّ الطرق لفكها وزيادة الدعم.
وفي وحدة الغسيل الكلوي يتواجَدُ العديدُ من الأطفال الذين أُصِيْـبوا بمرض الفشل، وحسب ما تحدث به الأطباءُ فإن عدداً كبيراً من الأطفال أُصِيْـبوا بالفشل الكلوي نتيجة لتعرُّضهم للخوف الشديد أثناء سماعهم للانفجارات الشديدة التي تسببها غاراتُ العُـدْوَان على مختلف المحافظات اليمنية، وهنا يصابون بمرض الفشل الكلوي.
يقول رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى بمستشفَى الثورة العام بصنعاء، إنه وبعد قرار دول التحالف (العُـدْوَان) بإغلاق جميع الممرات الجوية والبحرية والبرية تزايدت المعضلات الصحية بشكل كبير، وذلك لعدة أسباب :
أولاً : عدم دخول المواد الخَاصَّـة بالغسيل الكلوي، حيث ومعظم المراكز لا يوجد لديها مخزون كافٍ؛ باعتبارها باهظةً القيمة، حيث تتراوح قيمةُ جلسة الغسيل بين 80 إلى 100 دولار للجلسة، ولهذه الأسباب تتوافد الحالات علينا؛ كوننا المستشفى والمركَز المرجعي، ونحن لا يوجد لدينا مخزون إلّا لما يكفي 50 يوماً؛ لأننا نعمل 210 جلسات باليوم.
ثانياً : المرضى الوافدون من المراكز الأُخْـرَى وكذا المرضى غير القادرين على السفر للعلاج أَوْ الزراعة لا يتمكّنون من السفر فيزيد العبءُ علينا، ويعتبر إغلاق الممرات كارثةً إنْسَانية.
وأوضح أن عددَ مراكز الغسيل الكلوي أكثر من 32 مركزاً، وعدد المرضى 7800 مريض إذا توقف الغسيل في الجميع مهدَّدٌ بالموت، بالإضَافَة الي الحالات المصابة بالفشل الكلوي الحاد التي تقدر 30 – 50 حالة حادة بجميع المراكز والتي يتم عمل غسيل جلستين أَوْ أكثر وتعود إلى حالتها الطبيعية.
وأشار الدكتور البطاحي، إلى أن مرضَ الكوليرا ساهم بشكل كبير في زيادة حالات الفشل الكلوي وخَاصَّة في المرضى الذين يعانون من السكر والضغط وكبار السن وبعض المرضى المناعية المرتبطة بالكلى، وكذلك مرضى القصور الكلوي في المرحلتين الأولى والثانية والذين تحت العلاجات التحفظية، فالكوليرا سارَعَ من تحويل المرحلتين الرابعة والخامسة واللتين علاجهما هو الغسيل، وهم نسبة كبيرة 4000 إلى 5000 مريض، مما أدّى إلى زيادة عشرين بالمائة من المرضى من دون حالات الوفيات.
وكشف الدكتور مجاهد أن عددَ المرضى تحت الغسيل الدموي 25 ألف مريض والمرضى المرشحون 40 ألفَ مريض وهم مرضى الضغط والسكري والمرضى المناعية مثل الذيبة الحمراء ومرضى كبيبات الكلى وإفراز البروتين في البول والتكيسات الكلوية وأُخْـرَى، والذين تحت العلاجات التحفظية ولم يستطيعوا الحصول على العلاجات الأصلية، ما يؤدي إلى دخولهم في الفشل الكلوي بسرعة؛ وذلك بسبب الحصار الذي يمنعُ دخولَ العلاجات، وهذا سيسبب كارثةً كبرى.

قد يعجبك ايضا