إلى زينبة الرّوح

 

أشواق مهدي دومان

سيدة زينب: يا سبحان اللّه عليش !
تقلي لبابا يرجع ؟
واين يسير ؟
أو ذاك سدّينا أنا وأنتِ إن ما نرجع إلّا لمّا ننتصر وننكّل بأعداء اللّه ،،
ذلك المقطع لحديث شهيد علا نجمه مرتقيا لفضاء اللّه مع سيّدته ( ابنته ) زينب ،المقطع الذي أحدث لو قلتُ: أحدث زلزالا يتعدّى ويفوق أكبر درجة للزّلزال ، فأيّ جرح حملتِه صغيرة يا زينب طه المتوكل ، وستحيينه إلى ما شاء اللّه ؟!
زينب يا لؤلؤة في عمق الرّوح وجدتك فيه فهل أخلفت وعدك لأبيك، وقد كان العهد بألّا يسمعكِ قائلة: عًد يا أبتي ، فأنا طفلة أحتاجك أبي في كلّ تفاصيل حياتي ؟!
زينب: يا نظرة عينيك المثقلتين دموعا تختبئ شموخا ، أولستِ لبوة من أسد في ساحات العزّة ، قد كبّر ، نكّل بأعداء اللّه كما وعدك ومضى في مجده للّه شهيدا فعظُم بعظمة قلبك وعظمتِ بحجم الحزن الأكبر ،،
زينب: يا فلذة كبدي لو سمّيتكِ كبدي فهل ترضين وقد زلزل حديثك لأبيكِ كياني ، شتتني لملمني بعثرني جمّعني ،لا أدري كيف تركني لكن يا قرّة عيني ، يا عشق الروح الصّارخ في وجه نفاق الكون ، قد أخجل ثباتك مرتزقا يتنعّم ومعه بنت في سنّك لا تبرحه لكنّك دمتِ على عهد أبيكِ الصّادقة الواثقة بأنّ أبيكِ عند اللّه حيّا يرزق ، وأنتِ اليوم قد اتسع فؤادك للحزن في حين أنّ حفيدة ذاك المرتزق أو ابنته تحتفل بعيد الميلاد بأسطنبول وتعود لتحتفل بكرسمسهم بجوار حرم رسول اللّه وما عرفت ما تحيَينه من حزن أو ما يحمله القلب الأصغر من جرح الزّمن.
يا زينب: وقد كان الجرح مكان الفرح قولي لابنة ذاك المرتزق: أنا ابنة حرّ ماساوم في أرض أو عرض ، ما فرّط في جنب اللّه ، وسيمرّ الدّهر ونلتقي به في دار جزاء يوفيني اللّه أجري فأنا الصّابرة وأمّا أنتِ فابنة خائن باع الأرض وباع العرض ، فلكِ عالمكِ وأبوك البالي ولأبي نعيم يتجدّد يا بنت المرتزق دعيني أستمع حروف الأشواق.
يا زينب: قولي لأبيك الأسد يا أبتاه: شامخة وأنا ابنتك لا تحزن وأنت بحقيقة قولك لم تحزن فقد كان وليّك ربّ العرش وقد استوفيت شروط المنحة فكنت ولي اللّه فقد وُجدت تلك الفرحة في عينيك منزوع الحزن لا تخشى موتا أو من نار العدوان تخاف.
كلّا يا أبتاه: فكأنّك قد عُرف لديك سبيل يسعدك دواما فامضِ لسبيلك سبيل اللّه وأنا سأكون هنا شامخة أعلنها كنبي اللّه كإسماعيل فأقول لك: افعل ما تؤمر يا أبتاه ستجدني إن شاء اللّه صابرة وعلى درب الصابرين.
يا زينب يا علقا في الروح يا نقشا مرصوعا بجواهر، يا زينب يا برعم وردة لم يتفتّح بعد لكنّ أثره أتحفني بالأوجاع.
يا زينب وكأنك زينب بنت علي قد سمّاكِ أبوكِ الكرّار يجدّد بيعته في حبّ اللّه ورسوله وآل رسوله.
يا زينب: قد قبلت روحك حمل كفاح أبيك وأنتِ لها مادام أبوكِ صدق العهد مع اللّه فكوني صادقة مثله لا تبتئسي ،لا يحزن قلبك يا حبّة قلبي ، لا تدمع عينك فخذي قلبي روحي عيني لكِ فدوى واعطيني حزنك ، دمعك ، ألمك وأنين فراق الأبّ الأفتك وضعيه بروحي ، وأنا الأرجح والأكبر والأقدم ، لكنّي لا زلتِ الفاقدة المفتقدة أبي فدعي حزن الفقد على قارعة الرّوح وسأمر لآخذه منكِ لأرميه في جبّ أعمق من كلّ الأحزان ، سأدفنه تحت تراب داخل روحي فأنا أخشى الحزن عليك وأتمنى أن تبقي شامخة كروح أبيك وقد ( سدّيتِ ) أنتِ وهو على أن العودة عند النصر وبعد التنكيل بأعداء اللّه.
يا زينب: سأنفي حزنك داخل روحي وابقي أنت زينب طه المتوكل تلك الحوراء صدّيقة عهد أبيها وعند النّصر الأكبر بإذن المولى سأزوركِ وقد بدّل حزنك ربي فرحا واستبشارا لأضعكِ تاجا بل أنتِ من الآن سيدتي زينب وعلى رأسي أو داخل مهجة روحي زينبتي كوني ولكِ فرحا وسعادة تغمر قلبكِ ذاك شبيه العصفور يا طيري الأجمل يا نفح الجرح المثقل يا أيقونة ذكرى لن أنساكِ يتذاكركِ فؤادي كتسابيح الفجر يا صادقة العهد فلا يحزن قلبك فضعي حزنك جنبا وكوني مثل أبيك – زينب بنت أبيها – من لا تحزن.

قد يعجبك ايضا