فرحـــة العيـــد


سيــاسيون : العيــد فــرحة وحمــل الســلاح يقتلهــا والحــكومــة هـــي المسؤول الأول
, التقطع للمسافرين ونصب نقاط في ضواحي بعض المدن للنهب وتحرك المسلحين بحرية أبرز سمات العيد
, وزارة الداخلية : لا تعليق على الأوضاع باستثناء الصمت المطبق
شباب : حمل السلاح خصوصا في العيد للزينة يعكس تدني وعي الشباب بمخاطر السلاح

٭ .. يأتي العيد والناس على أمل التنفس من وعثاء السياسة في اليمن وقضايا الاغتيالات والمظاهر المسلحة .. إلا أن الثقافة التي أطلت علينا قضت على أخضر السلم ويابسه فأصبح العيد لمن لبس السلاح الجديد هذه الثقافة تقمصها كثير ممن يرون أن الرجولة والشهامة والأناقة لا تكتمل إلا بحمل السلاح مع أن العكس هو الصحيح … هذه الظاهرة دشنها بعض المشايخ ومرافقوهم وتلاهم فئة المتشبهين بهم وختم هذه الطفرة شباب”وايتساب” لتعم الفوضى . في العيد ترى كتائب المسلحين ترتاد الحدائق والمتنزهات والشوارع والأسواق للترويح عن النفس وربما للبحث عن غرماء وفي بعض المناطق للتقطع .. ليقتل هؤلاء الأمن والسكينة العامة .. وزارة الداخلية قامت بدورها المعتاد حيث الاعتراف أحيانا والصمت المطبق في غالب الأحيان دون التدخل لكن المظاهر المسلحة في المدن “حسب تصريحات ومواقف بعض كبار مسؤولي الوزارة” … تفاصيل أكثر في التحقيق التالي :

٭ تغلبت قدرة السلاح المنتشر لدى الناس على ثقافة سلاح القلم بعد أن كان الكثير من الشباب قد تركها واعتبرها ثقافة دخيلة على الشعب وأن سلاح العلم هو الذي ينبغي أن يكون فبدأ الهرج والمرج إبان ثورة الشباب في العام 2011م بعد أن تخلت وزارة الداخلية عن كل مهامها فأصبحت عواصم المحافظات مسرحا مفتوحا لحاملي السلاح مما جعل الكثير من ضعاف النفوس يرون في حمل السلاح هيبة الرجل ومن خلاله سيكسب قوت يومه وبناء على ذلك تشكلت الكثير من العصابات هنا وهناك الأمر الذي جعل عدد من الشباب يحملون السلاح لغايتين لغرض الحماية ولغرض الاستعراض لتعم الفوضى
لم تقف هذه الثقافة عند هذا الحد فبعض الآباء يعودون أبناءهم من صغار السن على حمل السلاح إضافة إلى قيادة السيارات فلا يجرؤ أحد على أن يطلب من بعض هؤلاء الأطفال أن يتنحي جانبا لأنه سيطلق النار مستغلا تشجيع أبيه له ومن خلال هذه المفارقات عمت ثقافة ” السلاح ” وغالبا ما تنشط هذه الثقافة في الأعياد وفي هذا العيد بلغت الذروة.
العيد وإرهاب المسلحين
٭ في عيد الأضحى المبارك سن الله نحر الأضاحي وسن مسلحو اليمن نحر بني آدم حيث استقبلت الكثير من المدن اليمنية العيد بدماء من لا ناقة له من السلطة ولا جمل ففي تعز مثلا التي تعيش حالة انفلات أمني وتعربد فيها العصابات حيث عاش سكان المدينة قبيل العيد حالة من الحذر والخوف والترقب بعد مقتل شقيق الشيخ حمود المخلافي على يد بعض قبائل وفي محافظة لحج حيث اغتيال عقيد وعدد من الجنود أما في العاصمة صنعاء فحدث ولا حرج بعد أن أصبحت ترى المسلحين في الأسواق والشوارع وبعض المتنزهات ونتاجا لذلك تعد وزارة الداخلية كل يوم أعداداٍ من القتلى والجرحى فقد تسببت حوادث العبث بالسلاح في اليمن خلال الأربعة الأشهر الماضية في وفاة وإصابة نحو (573) شخصاٍ منهم (161) طبقا للاحصائيات الأخيرة.
وقد وقعت فقط في شهر سبتمبر الماضي حوادث أودت بحياة 24 شخصاٍ من ضمنهم 6 أطفال و3 نساء فيما تسببت في إصابة أكثر من100 آخرين من بينهم 39 طفلاٍ وامرأة هذا في شهر واحد.
ووفقاٍ لتقرير مركز الاعلام الأمني فإن 61 من ضحايا العبث بالسلاح كانوا هم الجناة على أنفسهم فيما كان 14 من المجني عليهم ضحايا لأفراد من أسرهم و5 آخرين كانوا ضحايا لأصدقائهم أما بقية الضحايا فقد كان الجناة عليهم من الغرباء.
وأشار التقرير إلى أن حوادث العبث بالسلاح التي شهدها شهر سبتمبر الماضي 124 حادثة قد امتدت إلى 18 محافظة من محافظات الجمهورية للأشهر الثلاثة الماضية وحسب احصائية أخرى أوضح مصدر مسئول في وزارة الداخلية بتصريح خاص لهذا التحقيق أن حوادث السلاح تسببت بارتكاب 139 حالة قتل عمد وبينت إحصائيات سابقة أن عدد حوادث السلاح وصلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 24000 وأن نسبة كبيرة منها تمت خلال الأعياد والمناسبات.
جباية المسلحين
٭ قبل العيد بأيام وحتى كتابة التحقيق قام بعض المسلحين بنصب نقاط على الطريق التي تربط صنعاء بتعز وبالتحديد في سمارة وذلك لأخذ جباية من المسافرين رغم علم وزارة الداخلية بذلك لينطبق على المسافرين المثل القائل ” رزق الحارمين للظالمين ” فهم يحرمون أنفسهم في صنعاء يعملون ليل نهار لتوفير المال لأسرهم كمصاريف للعيد إلا أن المسلحين أولى بهذا المال برعاية كريمة من الجهات المعنية التي تصمت حيال هكذا أفعال.
وكما يقولون ” ما شفت من الجمل إلا أذنه ” فمسلحي سمارة بمثابة أذن الجمل أما رأسه فهو ما قام به مسلحون في محافظةتعز وهي من أكبر المحافظات علما وثقافة وسكانا حيث أقاموا نقاط تفتيش أمام أقسام شرطة ولم يكن من إدارة الأمن إلا أن تتخذ سياسة وزارتها فوجهت بسحب نقطة إدارة الأمن وتوجيه قسم الشرطة ألا يتخذوا أي إجراءات قد تعيق عمل نقطة المسلحين الذين يقومون بعملهم الوطني وهو ابتزاز المواطنين وقال – بالنص – للنقطة الأمنية ” ما لكم دخل اسحبوا النقطة واجلسوا سكته “.
وزارة القلق
٭ انقلب العيد عند الكثير من الناس من فرصة للفرح إلى فرصة يبحثون فيها عن النجاة إما من هذا أو ذاك فتحرك المسلحون في كل مكان بحرية تامة خصوصا في العيد دون أن تحرك الدولة ساكنا أثار قلق الكثير فأخذوا الحذر من ارتياد الأسواق والمتنزهات بالذات في الأماكن التي يرتادها مسلحون بما في ذلك شوارع ومتنزهات في صنعاء .
الأمر الذي جعلني أستغرب أشد الغرابة هو أن الوضع الأمني في العيد في حالة يرثى لها وعند طلبي مقابلة المسئولين بوازارة الداخلية يتم التعلل بأنهم مشغولون جدا كما حصل مع وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن الذي رفض المقابلة عن طريق موظفيه وقضينا أيام ونحن نحاول الدخول إليهم بغير نتيجة حتى ولو كان الوقت الثامنة مساء فهم في اجتماع طارئ كما قالوا لنا يوم الأحد الفائت إلا العميد محمد القاعدي مدير التوجيه المعنوي اعترف أن الاختلالات الأمنية موجودة وتقطعات القبائل وأرجع الأسباب إلى ظرف المرحلة

علاقة طردية
٭ المحلل السياسي والإعلامي جمال الحميدي يرى أن وجود السلاح واقتنائه سبب في انتزاع فرحة العيد لذا فالعيد فرصة لتصفية النفوس من الأضغان والأحقاد وفسر وجود السلاح في يد كل من هب ودب بغياب الدولة وعدم بسط نفوذها لمنع انتشار حمل السلاح وكذا وقوفها عاجزة أمام حالات الجريمة المتزايدة والأعمال الخارجة عن القانون وقد فسر الحميدي العلاقة بين مخالفة القانون ونفوذ الدولة بأنها علاقة طردية دائمة فكلما ازداد نفوذ الدولة وبسطت سلطتها ووجودها يكون في المقابل انحسار معدلات حمل السلاح والأعمال الخارجة على القانون.
وقال: الدولة هي المسئول الأول عن إزهاق الأنفس والأرواح الناتج عن تواجد وانتشار حمل السلاح واستخدامه وأضاف “السلاح اليوم في واقعنا اصبح اشكالية كبيرة والتعامل معه اصبح قضية ذات بعد وطني كبير لما يشكله ذلك من عامل كبح لقيام الدولة المدنية وتعميم القانون والنظام على الواقع من اجل خروج بلادنا من وضعها السيء اقتصادياٍ وسياسياٍ واجتماعياٍ وأرجع الحميدي أسباب انتشار السلاح إلى أمور صنعت هذه المشكلة وجعلت منها عصاٍ غليظة تقف في وجه عجلة تطور وبناء مجتمعنا ومن هذه الإشكاليات فترات الصراعات السياسية والاجتماعية التي قامت فيها السلطات في كثير من الأوقات بتقوية بعض القوى القبلية لمساعدتها على الاستحواذ والانفراد بالسلطة وفرض هيمنة تلك الفئات على مفاصل الدولة والحكم واستخدام تلك المجاميع كحارس وحامي لتلك السلطات مما جعل من تلك المجاميع والقوى الاجتماعية فوق القانون حتى أصبح من الصعب إقناعها بالاندماج في بوتقة مجتمع مدني يستند على النظام والقانون في نشر العدل والقانون وتابع بالقول: قد قادت تلك الأعمال الى التكدس الواسع للأسلحة ووصلت الى حد اقتناء بعض تلك القوى للأسلحة المتنوعة كالمدرعات والصواريخ ومضادات الطيران التي لا يحوز حيازتها الا من قبل القوات النظامية.
الدولة والمجتمع
٭ في الوقت الذي يرى فيه المحلل السياسي الحميدي أن تحميل المجتمع مسئولية حمل السلاح والإصرار على تحميل المواطن عبء هذه المشكلة هو كمن يغمض عينيه كي لا يرى الحقيقة و هذا إجحاف وظلم كبيرين فالدولة بنظره هي المسئولة الوحيدة والمجتمع يرى أن يتحمل المجتمع المسئولية فالسلطة ما هي إلا جزء من المجتمع .
شباب بلا سلاح
٭ غلاب محمد ناجي شاب في العشرينيات من عمره يقول ” كثير من الشباب يتخذ العيد فرصة للاستعراض ولبس السلاح وارتياد المتنزهات والحدائق والأسواق الأمر الذي يؤدي إلى إقلاق السكينة وتخويف الناس وأحيانا يجبر حامل السلاح عند حدوث إي مشادات إلى استخدامه وبالتالي حدوث حالات القتل ” ويضيف ” أكثر حالات القتل الخطأ التي تحصل بين الأصدقاء هي في العيد والسبب يعود إلى ثقافة حمل السلاح في هذا التوقيت لذا نتمنى على الشباب نبذ هذه الثقافة السيئة ”
أما أمين اسماعيل “ضابط ” فيرجع ظاهرة حمل السلاح بالعيد إلى تدني الوعي عند الشباب بخطورة حمله ويعتبر وعي الآباء هو حجر الأساس لهذه الثقافة لذا يجب على أولياء الأمور أن يكونوا منبع ثقافة التسلح بالعلم لا بالسلاح حتى نبني هذا الوطن ” ويرى أنه يتوجب على وزارة الداخلية بسط الأمن من خلال حملات منع حمل السلاح ليعيش المواطن بسلام دونما منغصات.
دار السلام
٭ الشيخ عبدالرحمن المروني رئيس منظمة دار السلام التي تعمل على مكافحة حمل السلاح يرى أن ظاهرة حمل السلاح تنامت في الأعوام الأخيرة وذلك بسبب الانفلات الأمني الحاصل ويضيف ” ظاهرة حمل السلاح سواء في العيد أو غيره ثقافة دخيلة على الشعب اليمني وتعمل المنظمة بكل طاقتها على التوعية بمخاطر هذه الظاهرة السيئة ولن يكون النجاح إلا بتضافر الجميع لذا نوجه رسالة إلى الشباب ونقول أن ثقافة حمــــل السلاح خصوصا في العيد لا تليق بكم كجيل العلم والمعرفة ورسالة أخرى إلى القبائل ونقول لهم إن البيت هو بيتكم وخرابه سيكون آثاره عليكم فحافظوا على وجه اليمن الحضاري ولذا يتوجب على الكل الحفاظ على اليمن ونشر المحبة والسلام .
ختاما
٭ إن ثقافة حمل السلاح في الأعياد هي ظاهرة ما أنزل الله بها من سلطان فإقلاق الأمن في الشوارع والأسواق والمتنزهات وسلب حق الناس أحيانا ليس من ثقافتنا كيمنيين فإلينا تنسب كل القيم الرفيعة كذلك ليس من أخلاق الجهات المعنية في العالم أن تتخلى عن أداء مهامها المتمثل في حماية المواطن وممتلكاته لتحصره في حماية أشخاص فقط ويبقى هنا سؤال طرح نفسه قبل أن يطرحه الكثير من الناس “لماذا نقتل فرحة العيد بحمل السلاح¿.

قد يعجبك ايضا