سياسيون وأكاديميون: الأقاليم أفق استراتيجي واعد


استطلاع / أسماء حيدر البزاز –

نظام الأقاليم توسيع للمشاركة والرقابة الشعبية والتنمية

شكل الدولة الجديد يؤسس لعقد اجتماعي قائم على المواطنة المتساوية والعدالة

الأقاليم الأنسب استراتيجيا لإنهاء دورات الصراع السياسي والاستئثار بالسلطة والثروة

استطلاع / أسماء حيدر البزاز

أكد محللون سياسيون وناشطون حقوقيون أن الأفق الاستراتيجي للنظام الاتحادي لليمن الجديد المكون من ستة أقاليم, يحمل محددات حقوقية وتنموية وسياسية تضمن الحقوق والحريات وتمنع التفرد والاستبداد بالسلطة, وتحقق التوزيع العادل لثروات البلد, وتعمل على تعزيز وحدة اليمن من خلال ترسيخ روح المواطنة والانتماء, بالإضافة إلى تطوير كفاءة وديمقراطية الإدارة الحكومية, لما يشكله من بوتقة للنهضة الوطنية التي يتطلع إليها جميع أبناء اليمن … نتابع .. التفاصيل في سياق الاستطلاع التالي:-

في البدء يقول المحلل السياسي الدكتور عبد الرزاق الأغبري : إن الشعار الأبرز لثورة الـ11 من فبراير السلمية هو بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة, ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل أتت بالتوافق بين المتحاورين ومن تلك المخرجات التشكيل الإداري الجديد للجمهورية الذي تمخض عنه الإعلان عن ستة أقاليم, فنظام الحكم الاتحادي هو نظام ممتاز ومعمول به في الكثير من دول العالم, مؤكدا أهمية التوعية المجتمعية بهذا التشكيل الجديد, ووضع خطط وبرامج وورش عمل وبرامج تلفزة واستخدام كافة الوسائل المتاحة للوصول للمواطنين وتعريفهم بمفهوم النظام الإداري الجديد, لتوضيح مزاياه وعيوبه تجنبا للمصادمات والمعارك السياسية .

أسس ديموغرافية
فيما يرى المحلل السياسي طارق سلام أن اتخاذ لجنة الأقاليم قرارها بالأخذ بخيار الدولة الاتحادية الفيدرالية من ستة أقاليم بناء على أسس ديموغرافية واقتصادية وتنموية ضمانة لقوة الحكومة الاتحادية وللوحدة الوطنية حيث تتميز الدول الاتحادية الفدرالية بأنها كلما زاد فيها عدد الأقاليم كلما كان ذلك ضماناٍ للاستقرار فيها وهذا في حالة العمل والبناء في ظل الظروف الطبيعية أما في ظل وجود أزمة سياسية وجهوية خانقة فنرى أن تكون الأولوية لصالح احتواء مثل هذه الأزمة القائمة, لأن نظام الأقاليم ضمانة أساسية أولا لعدم حدوث الانفصال ثم لعدم عودة الانفراد بالسلطة التي عانت القوى السياسية والمكونات الاجتماعية كافة في اليمن فقد كان الإقصاء والتهميش وكانت النزاعات القبلية والمذهبية والعقائدية, كما تفشت الفتن الجهوية والمناطقية والأزمات السياسية بسبب تفرعن وتفرد الحكم في المركز .
موضحا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال ضمان عدم عودة هذا النمط من الحكم المركزي المتسلط مرة أخرى إلا بنبذ النظام المركزي في الدولة البسيطة الذي يسيطر فيها المركز على الفروع, ومن خلال التأسيس لنمط جديد كليا من شكل الدولة ونظام الحكم والإدارة الذي يجعل الباب مقفلاٍ أمام عودة هيمنة المركز على الأطراف, وتابع بالقول أن هذا النظام الاتحادي الفدرالي للأقاليم هو صمام الأمان الذي يقف أمام كل مغامر سياسي يطمع بالاستيلاء على السلطة وإعلان البيان رقم واحد لأنه حتى إذا فعل هذا لن يتمكن من السيطرة على الأوضاع في البلد بفضل من البنية التحتية والتشريعية للنظام الفدرالي ولن تستجيب له حكومات الأقاليم وسيكون مصيره الفشل .

المشاركة الشعبية
وأما الناشط الحقوقي والمحلل السياسي ساري العجيلي فقد تطرق في حديثه إلى نبل الأهداف المعلنة للأخذ بالفيدرالية وأهم تلك الأهداف الوحدة اليمنية وتوسيع المشاركة والرقابة الشعبية في الحكم من خلال المؤسسات التنفيذية والتشريعية في كل إقليم ونحو ذلك مما سيولد الروح التنافسية, مؤكدا على ضرورة وضع إستراتيجية واضحة للوصول إلى الغاية التي أرادها المتحاورون من الفيدرالية وفي الإطار الزمني المحدد للمرحلة الانتقالية الأخيرة بحيث تدرج في برنامج الحكومة التي ستشكل للمرحلة القادمة والذي من المفترض وحرصا على نجاح المرحلة أن تكون حكومة من الكفاءات الشريفة بل استثنائيين قادرين على تجاوز أي عراقيل وفي نفس الوقت منسجمة فيما بينها لتشكل فريق واحد لتحقيق أهداف المرحلة القادمة دون الاعتبار للانتماءات.

تحديات المرحلة
فيما وصف المحلل السياسي ثابت الأحمدي الأقاليم بأنها العدو الذي ما من صداقته بد! وهي كغيرها من الإعلانات التاريخية في اليمن الحديث على وجه التحديث مرهونة بدولة جادة وقيادة تحمل مشروعا للتغيير ولليمن الحديث أي أنها ولدت وهي تحمل بذرتي النجاح والفشل معا .
موضحا أن طبيعة التوجهات السياسية في المرحلة القادمة هي من ستحقق النجاح أو الفشل لأن الأقاليم تحتاج لدولة مركزية قوية تبسط نفوذها لتحقق الحد الأدنى على الأقل مما يطمح إليه الناس خلال المرحلة القريبة وتحقق قدرا معقولا من آمال اليمنيين في البناء والتغيير بعد طول معاناة وأيضا تعيد للثورة الشعبية بهاءها وألقها . مؤكدا بأن النجاح مرهون بطبيعة الدستور والقوانين واللوائح التي ستنبثق عنه لاحقا ومدى ملاءمتها من الناحية النظرية ثم مدى تطبيقها على أرض الواقع من الناحية العملية .

الحقوق والحريات
ويرى الدكتور علي العماد – جامعة صنعاء أن اليمن الجديدة تميزت بكونها جمهورية ذات نظام اتحادي فيدرالي يتكون من ستة أقاليم, هو النظام الذي يسعى لتكديس لمنع التفرد والاستبداد بالسلطة, وضمان الحقوق والحريات للأفراد والطوائف والقوميات والمكونات الاجتماعية العرقية المختلفة, وكذا التوزيع العادل لثروات البلد, وتعزيز وحدة اليمن من خلال ترسيخ روح المواطنة والانتماء الحضاري الواحد, بالإضافة إلى تطوير كفاءة وديمقراطية الإدارة الحكومية, لما يشكل بوتقة للنهضة الوطنية التي يتطلع إليها جميع أبناء اليمن .

عقد جديد
من جهته يقول المحلل السياسي جمال الحمادي: إعلان تحديد الأقاليم الذي صدر ووزع دولة اليمن الاتحادية الجديدة إلى ستة أقاليم شكل خطوة غير اعتيادية نحو صياغة عقد اجتماعي جديد في هذا البلد متجاوزين الأساليب القديمة في إدارة البلد والتي أوصلتنا إلى العديد من المأزق وبهذا تكون الحكمة اليمانية قد اجتازت أهم وأصعب الاختبارات في تاريخها الحديث وأعلنت للعالم أن اليمنيين ليسوا مجرد شعب يسكنه الجهل والتخلف بل وطن وشعب يصنع تاريخه بحنكة لم تجاريه في اجتيازها الكثير من الدول والشعوب التي تمثل الصفوف الأولى التي تسبقنا في تقييم نسب الوعي السياسي والحضاري .
وقال الحمادي: إن تجربة الدولة الاتحادية الفيدرالية بمعناها الحقيقي هي بعيدة كل البعد عن واقع خبرات اليمنيين وأسلوب معيشتهم وآليات الحكم المتبعة في تاريخهم الحديث وهذا قد يبعث الخوف لأول وهلة من عدم مقدرة اليمنيين على النجاح في تطبيق هذا النظام الذي يعد حديثاٍ كشكل من أشكال إدارة الدول وبالخصوص المتقدمة منها وهذا التخوف قد يكون منبعه الموروث السياسي والاجتماعي والثقافي المتدني في ظل صعوبات اقتصادية من المقدر انها ستلازمنا لفترة ليست بالقصيرة مسترجعا تجربة إعادة الوحدة اليمنية في مايو 1990 والتي لم يكن يدر بخلد أي سياسي يعرف بواطن الأمور في اليمن أو حتى القوى السياسية الداخلية بأنه بمقدور اليمن العبور إلى مرحلة رفع العلم الوحدوي والانتقال الكبير من النظام الشطري إلى منظومة دولة جديدة مغايرة سياسيا واقتصاديا, ليثبت اليمنيون قدرتهم على إرساء نظام اتحادي وإنشاء دولة ذات أسس مدنية حديثه يطمحون أن تكون النموذج في المنطقة .

الصراع نحو البناء
فيما يقول المحلل السياسي فيصل الخليفي: الأقاليم خطوة نحو البناء للإنسان اليمني تبدأ معها مرحلة جديدة نحو آفاق أفضل في الاستغلال الأمثل للطاقات سواء بشرية أو طبيعية لكل إقليم وهي بداية الاستقرار في اليمن وتحول من الصراع على السلطة والثروة إلى الصراع من أجل البناء .

التهيئة للنظام
المحلل السياسي كهلان صوفان يقول: للأسف الشديد لم تستفد النخب الحاكمة من تجاربها الفاشلة فاستمر الصراع السياسي حتى بعد تبادل الأدوار بعد ثورة التغيير الشبابية لدرجة أن المواطن فقد الثقة تماماٍ في حكومته وقياداتها السياسية الحالية لاسيما بعد أن أعطاها فرصة جديدة من الشراكة في حكومة استمرت لعامين من الفشل المتواصل وظل بصيص الأمل في مؤتمر الحوار الوطني الذي تشكل أيضاٍ بتوافق النخبة السياسية حتى وصل مؤتمر الحوار إلى نهايته وتحقيق ما كان يطمح إليه من مخرجات تبني يمن جديد عن الصراعات السياسية وتحكم النخبة في السلطة والثروة ويعيدهما إلى الشعب
ومضى يقول : ستثبت الأيام بأن الأقاليم والحكم الذاتي هو الصيغة الأنسب استراتيجيا لإنهاء دورات الصراع السياسي على السلطة والثروة مؤكدا على أهمية التهيئة للأقاليم الجديدة بمقومات النجاح لا الفشل كما حدث في السابق تجربة السلطة المحلية, بحيث توجه كل الطاقات للبناء والتنمية لا للصراعات السياسية.

النقل الاتوماتيكي
وأستاذ القانون الدولي الدكتور عبد العليم باعباد يقول: إن قراءة الأقلمة استراتيجيا تقود إلى حديث عن الدولة كمؤسسات وسلطات وهياكل لم تنشأ في بلدان العالم الثالث ومنها بلادنا نشوءاٍ طبيعياٍ, لكن واقع النقل الاتوماتيكي لتجارب الغير هو الذي أنتج شكل الدولة سواء البسيطة أو المركبة وإلباسها للواقع الذي قد يكون غير ملائم في مقاسه ومضمونه لهذه الأشكال ولهذا فلابد والحال هكذا من تغيير في الثقافة قبل تغيير شكل الدولة أو على الأقل مصاحبا لهذا التغيير, وإلا فإن نجاح هذه الحلول لابد وأن يصطحبها قوة الدولة وبسط نفوذها في كل أرجاء البلد وهو مالم يتحقق بعد.
موضحاٍ أن الأقلمة في نظري هي نتاج لاستراتيجيات نظام العولمة الذي إلى جانب ايجابياته التي غطاها الإعلام – سيغير من نظرة الناس لسبب المشكلة ووجهتها ولكنه لن يملك خلطة سحرية لحل المشاكل, مؤكدا على أهمية إحياء البحث العلمي الدقيق لحلحلة المشاكل الرئيسية في الاقتصاد والإدارة والمرحلة من وقت إلى آخر, ولن ينجح ذلك إلا إذا قامت دولة قوية تعمل على إرساء النظام والقانون.

قد يعجبك ايضا